حين جاء إيف سان لوران (1938 ــــ 2008) وصديقه بيار برجيه (1930) إلى مراكش عام 1966، كانت مدينة تقليدية، لم تفقد بعد ذلك «السحر الشرقي» المترسخ في أذهان الغربيين. كان سان لوران يعمل إلى جانب المصمم الشهير كريستيان ديور على أقمشة بيضاء وسوداء، سادت سوق الموضة حينذاك. أمّا في شوارع مراكش، فراح يصادف رجالاً ونساءً «يخلطون بين ألوان مثيرة: وردي وأزرق وأخضر وبنفسجي. هذه المجموعة التي تظهر كأنّها ملوّنة، تذكر برسوم دولاكروا. من المدهش أن تعرف أنها ليست إلا ارتجالية الحياة»، يكتب في إحدى رسائله. هذه الارتجالية المتعددة الألوان، جعلت الرجل يعشق المدينة ويجعلها ملهمة لتصاميمه.صديق المصمم الباريسي، وشريكه في تأسيس داره الشهيرة، بيار بيرجيه يكتب: «لم نكن نعرف، إيف سان لوران وأنا (...) أن هذه المدينة (مراكش) سيكون لها دور مهم في حياتنا، وسنشتري فيها ثلاثة منازل من ضمنها فيلا ماجوريل بحديقتها الشهيرة، ولا أنّ المغرب سيصبح بلدنا الثاني». حدائق ماجوريل تحوّلت إلى قبلة لعشاق الموضة، إذ إنّها تحتضن رفات المصمم العالمي الذي غادرنا قبل ثلاث سنوات. احتضنت هذه الحدائق منذ منتصف العام الماضي، معرضاً بعنوان «إيف سان لوران والمغرب». وها هو المعرض ينتقل إلى الدار البيضاء، وتحديداً إلى «فيلا الفنون»، حيث يستمرّ حتى 17 تموز (يوليو) المقبل.
يفاجأ الزائر عند مدخل الفيلا بـ«قلب إيف سان لوران»، وهو قطعة مجوهرات صممها في بداية مشواره الفني، وصارت تميمة تضعها كل العارضات، اللواتي يرتدين أقرب زي إلى قلبه خلال عروضه. في أروقة المعرض، صفحات من كتاب «إيف سان لوران، عشق مغربي» لبيار بيرجيه، ويحتوي صوراً للمصمم الباريسي، وبطاقات بريدية موسومة بكلمة «حب» تعود إلى بداية السبعينيات وأخرى إلى أواخر القرن الماضي. أُثّثت قاعات الفيلا وفق سينوغرافيا خاصة، لتقدّم أربعين عملاً لسان لوران تنوعت بين قفطان وجلابيات، وأقلام «بيك» حوّلها الفنان إلى مواد فنية... على الأزياء المعروضة يظهر شغفه بألوان الطبيعة المغربية التي دفعته إلى التخلي عن الأبيض والأسود. كذلك يظهر تأثره الواضح بالخياطة المغربية مثل الجلباب، والجابادور، والطرابيش. موعد مع ذائقة النصف الثاني من القرن العشرين، يؤكّد لنا مجدداً أن تصميم الأزياء جزء أساسي من الفنون الجميلة...



«إيف سان لوران والمغرب»: حتى 17 تموز (يوليو) المقبل ــــ «فيلا الفنون» (الدار البيضاء). www.fondation-pb-ysl.ne