تونس | حين صعدت على مسرح قرطاج الأثري في تونس عام 2006، لم تكن آمال ماهر (1985 ــ الصورة) قد بلغت شهرة واسعة بعد. وهي التي أطلّت على الجمهور للمرّة الأولى عام 2000، ولم تكن قد تجاوزت الخامسة عشرة من عمرها. لكن المغنية المصرية سحرت الناس بأدائها الرائع للأغاني الطربية، ولباقة أغانيها الخاصة لاسيّما «إيه بينك وبينها» (كلمات عوض بدوي، وألحان وليد سعد).
ذلك الصوت الرهيب والإحساس الدفّاق مثّلا تأشيرة دخول لهذه الفنانة الشابة، مكّنتها من الصعود على ركح «خشبة» المسرح الأثري ضمن الدورة الحادية والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي، في سهرة من «ألف ليلة وليلة»، حضرها جمهور كبير تفاعل مع أغانيها كـ «رايح بيّا فين» (كلمات نادر عبد الله، وألحان وليد سعد) و«سكّة السلامة» (كلمات أيمن بهجت قمر، وألحان وليد سعد)، وأخرى لعمالقة الفن العربي على غرار «عيون القلب» لنجاة الصغيرة. علماً بأنّ ماهر اختارت أيضاً تقديم إحدى أجمل أغاني الفنانة الكبيرة الراحلة وردة وهي «طب وأنا مالي»، فضلاً عن أغنية «موعود» للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، و«الله يا بابا» من التراث التونسي (أعاد صابر الرباعي توزيعها سابقاً). وشكّلت هذه الأغنية مفاجأة أخرى للجمهور التونسي، زيادة على حضور آمال على المسرح مالئةً الفضاء.
أدّت آمال ماهر كل تلك الأغاني وغيرها باقتدار وبإحساس رهيب مستمدين من رهبة المسرح والجمهور. ولجت القلوب قبل الآذان، بسلاسة وعذوبة. عذوبة صوتها الآسر الذي يمزج بين الحلاوة والقوة والقدرة على أداء جميع المقامات. وقد تكون الفنانة المصرية الوريثة الشرعية الوحيدة لعمالقة الطرب العربي، خصوصاً كوكب الشرق أم كلثوم التي تؤدي أعمالها بإتقان شديد.
راوحت آمال ماهر بين الغناء والحديث أحياناً إلى جمهورها الذي توجهت إليه بالشكر على حضوره وتشجيعه لها. ولم ينفك الحاضرون عن التصفيق لها عقب كل وصلة طربية، كما رقص على أنغام أغانيها الشبابية.
في النهاية، لم تغادر آمال ماهر المسرح التونسي العريق إلا بعد إضافة مقطع آخر من أغنية «ألف ليلة وليلة» استجابة لرغبة الجمهور الذي طالبها بالمزيد، قبل أن تودّعه على إيقاع لحن «سكّة السلامة». هذا الجمهور المغرم بالفن الأصيل عاش ليلة من «ألف ليلة وليلة» مفعمة بالفن والطرب في حضرة فنانة جمعت بين الموهبة والإطلالة الجميلة والإمكانات الصوتية الهائلة.