صنعاء | إنه شهر أيار (مايو)، موسم الأعياد الوطنية في اليمن. وغداً الأحد هو فاتحة هذه الأعياد وأكبرها باعتباره ذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية (1990). وهو اليوم الوطني نفسه الذي تحول بعد أربع سنوات من حصوله بين الإخوة في اليمن الجنوبي (الاشتراكي)، واليمن الشمالي (القبلي)، إلى إنجاز حصري للرئيس علي عبد الله صالح الذي استطاع جيشه الانتصار على «الرفاق» في حرب طاحنة جرت في صيف 1994. وبذلك، صار عيد الوحدة اليمنية في جيب صالح وحده، محتفلاً به منفرداً باعتباره صانعه الوحيد، يتلقّى التهانئ وتصدح وسائل الإعلام الرسمية باسمه وحده، وتُنشر له التهانئ على صدر الصحف الرسمية والأهلية.لكن يبدو أنّ هذا الأمر سيتغيّر مع ثورة الشباب ونجاحها في التمدد على طول الجمهورية اليمنية، إذ قرر ناشرو الصحف المستقلة والصحف الحزبية المعارضة عدم نشر أي تهانئ مدفوعة الأجر موجهة إلى الرئيس صالح، بحسب ما جرت عليه العادة في مناسبة العيد الوطني. هذا رغم العائد المادي الكبير الذي كان يمثّل لهذه الصحف دعامةً ماديةً قويةً تساعد في استمرار صدورها. لكنها مع ذلك فضّلت إعلان انحيازها إلى ثورة الشباب والضحايا الذين سقطوا منذ اندلاع الانتفاضة.
الفكرة بدأت مع جريدة «الشاهد» المستقلة التي أعلنت رفضها نشر أي تهانئ لمناسبة العيد الوطني موجهةً إلى علي عبد الله صالح. وتمنّت على الجهات الراغبة في نشر التهانئ أن تكون موجّهة إلى الشعب اليمني دون سواه. وهو ما حصل فعلاً مع صدور الصحف المحلية، مطلع الأسبوع، خالية من أي تهانئ لـ«القائد الرمز» الذي اعتاد تلقّي التهانئ في مثل هذه الأيام من كل عام.
حدث هذا في وقت صعّدت فيه السلطة حربها على الصحافيين، لكن بطريقة مبتكرة هذه المرة، إذ لجأت إلى طريقة جديدة في محاصرة الصحف وتقليص انتشارها جغرافياً، من خلال وضع فرق أمنية عند مداخل صنعاء. وتتمثّل مهمة هذه الفرق في مراقبة المركبات الخارجة من العاصمة باتجاه المدن الأخرى، وإيقاف تلك المتخصصة في نقل الصحف، ليجري احتجازها وتوقيف كميات الصحف التي تحملها، ثم حرقها لاحقاً، ما يعني حرمان المدن الأخرى من هذه الصحف المخصصة لها، وتكبيد ناشريها خسائر فادحة.
مع ذلك، ترفض وزارة الإعلام اليمنية الاعتراف بحدوث هذه الممارسات، مدّعيةً أنّ الوضع الأمني المنفلت في البلد لا يمكّنها من تحديد الجهة التي تقوم بهذه الأعمال، بدقة. من جهتها، لم تجد نقابة الصحافيين اليمنيين حلاً غير الدعوة إلى اجتماع مع ناشري الصحف المحلية بهدف البحث في طريقة لإيقاف نزف الخسائر المادية الكبيرة التي تتكبّدها تلك الصحف، بسبب ما تتعرض له من مصادرة وحرق. وكان خيار اللجوء إلى القضاء واحداً من جملة اقتراحات قُدّمت.
في هذا الوقت، وجّه شباب الثورة اليمنية في «ساحة التغيير» تحيةً إلى الصحافي المُعتقل عبد الإله شائع، إذ نُظّمت مساء الخميس مسيرة داخل الساحة شارك فيها آلاف من الشباب للتذكير بقضية الصحافي اليمني المُعتقل ومعه قضايا المعتقلين السياسيين. وكان حكم صدر بحقّ الصحافي اليمني يقضي بحبسه خمسة أعوام، في محاكمة استخدمت فيها ذريعة مكافحة الإرهاب لإدانة شائع.