خسر التلفزيون المصري مرتين أمس الجمعة، وبات مؤكداً أنّ المسؤولين عنه لا يزالون يديرون المبنى الكبير بعقلية النظام السابق حتى لو عُيِّنوا في مناصبهم بعد سقوطه. وفيما عانى المصريون من ولاء قادة التلفزيون لحسني مبارك ورجاله طوال 30 عاماً، يبدو أنّ قادة هذه الأيام لن يتخلّوا عن مهمة البحث عن زعماء يقدّمون لهم الولاء أيضاً.هكذا غاب التلفزيون المصري عن تغطية «مليونية الوحدة الوطنية والزحف ودعم الشعب الفلسطيني» التي أقيمت في ميدان التحرير بالقاهرة، بالتوازي مع تظاهرات في الأردن وفلسطين ولبنان إحياءً لذكرى النكبة، بل إنّ التلفزيون الرسمي تأخر أيضاً في بثّ خبر سجن سوزان ثابت مبارك لمدة 15 يوماً للتحقيق معها بتهم التربّح غير المشروع. بثّت الخبر أولاً قنوات «الجزيرة» و«بي. بي. سي عربي» و«الحياة» المصرية. وقد أسهم غياب التلفزيون عن تغطية المليونية في هروب قادته من الحرج الذي قد يصيبهم، لا بسبب هدف المليونية المعلن بل بسبب ما حوته من تفاصيل: إذ رفعت التظاهرة شعارات تشير إلى أنّ فلول نظام مبارك وإسرائيل وبعض دول الخليج وأميركا هم المسؤولون عن دعم الفتنة الطائفية بغية ضمان عدم وقوف أكبر بلد عربي على قدميه من جديد. كذلك شهدت المليونية تجديد المطالب بتطهير البلد من بقايا نظام مبارك ومن كل المسؤولين الذين صمتوا على ممارسات النظام حتى لو لم يشاركوا في الفساد في عهده. وشددت التظاهرة على تأكيدها رفض الثورة المصرية ترشيح مصطفى الفقي أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، والإشارة إلى أنّ دعم القضية الفلسطينية لن يكتمل إلا ببناء الدولة المصرية أولاً. وعادت الأغاني الوطنية إلى الميدان كفواصل بين كلمات الحضور. ولم تقتصر على الأغاني الموجهة إلى مصر مثل «عظيمة يا مصر» لوديع الصافي، بل تعدتها إلى أغنيات حرب أكتوبر وأبرزها «الله أكبر بسم الله» لعبد الحليم. غير أنّ «الجزيرة مباشر» لم تكن وحدها في الملعب أمس. لقد نافستها بقوة «قناة 25» التي تديرها مجموعة من الشباب ليس فيهم نجم واحد. وهو ما يعدّ إشارةً إلى استعداد سوق الفضائيات المصرية لجولة جديدة من المنافسة كلما زادت حدة الاستحقاقات السياسية على أرض الكنانة. وبالطبع، لم يخلُ المشهد من مواقف طريفة على الطريقة المصرية. فيما احتفل شاب وفتاة بعقد قرانهما في قلب الميدان، وهتف المتظاهرون «العريس والعروسة إيد واحدة»، استعاد المصريون فيلم عادل إمام وسعاد حسني الشهير «حبّ في الزنزانة» فور إعلان حبس سوزان ثابت التي وضعت صورتها بدلاً من «السندريلا»... وبالطبع، ترك عادل إمام مكانه لحسني مبارك.