نقابة الصحافة في بيروت ساحة حرب. الرماة الفوتوغرافيّون يحاصرون الهدف، وبطاريّة من كاميرات الفيديو مزروعة وراءهم في صفّ مستقيم. بحضور النقيب محمد بعلبكي، تعلن نورا جنبلاط عن «مهرجانات بيت الدين» (٢٤/ ٦ ـــــ ٤/ ٨)، ومعها إلى المنصّة وزير السياحة فادي عبّود. والفنّانة السوريّة رويدا عطيّة، وإحسان المنذر، وجيرار أفيديسيان... فوضى وأزيز ميكروفونات، وصوت النقيب: «يا شباب، اعطوا مجال للتلفزيون». النشيد الوطني، ثم يخطب بعلبكي شاكراً «بيت الدين»، ومطالباً بتعديل النشيد الوطني الذي «نسي النساء». الوزير عبّود بدا متفائلاً بوضع السياحة خلافاً لما يسود من مخاوف. وذكّرت الست نورا بـ «الظروف الصعبة» التي رافقت انطلاق المهرجان: «ندرك المرحلة الحساسة التي يعيشها لبنان والمنطقة»، لكن لا بدّ من مواصلة الرهان.
يبدأ البرنامج بـ «تحيّة إلى الأسطورة صباح» (٢٤ و٢٥/ ٦). استعراض غنائي راقص نجمته رويدا عطيّة، والمايسترو إحسان المنذر سيقود الأوركسترا. نسمع رسالة فيديو من الصبّوحة. سحرها كامل وحضورها الذهني مدهش، لا تنسى أحداً: سامي خوري مصمم الرقصات، وزهير مراد مصمم ملابس رويدا («أنا اللي ربّيتو»)، و«المخرج أفيديسيان».
ثم يأتي روبيرتو ألانغا التينور الإيطالي الفرنسي، «الصقلّي» حسب عنوان أسطوانته الشهيرة، وبرنامج أمسيته (٨/ ٧)، الذي نقل الأوبرا إلى مستوى شعبـ(و)ي غير بعيد من الأغنية الرائجة. بعده تستعيد باحة قلعة المير بشير ضيفاً مألوفاً، هو المطرب العراقي كاظم الساهر (١٥/ ٧)، فيما يحمل عازف الغيتار الأميركي جورج بنسن، نفَس الجاز والسول والفانك (١٩/ ٧).
في أول تعاون مع «مهرجان بيروت للرقص المعاصر»، يقدّم «بيت الدين»، «بابل (كلمات)» (٢٢/ ٧)، الاستعراض الذي يجمع المغربي/ البلجيكي سيدي العربي الشرقاوي إلى مواطنه داميان جالي. ويعود الفنّان اللبناني الشاب إبراهيم معلوف مع الترومبيت و«الخماسي» (٢٧/ ٧)، قبل أن يضرب لنا جوليان (جلال الدين) فايس موعداً مع واحدة من خلطاته العجيبة. الـ Stabat Mater التمجيدي للسيدة العذراء يجمع بين فرقته «الكِندي»، وقسطنطينوس أنجليديس وجوقة «تروبوس» البيزنطيّة (أثينا)، وبكير بويوكباشافيز من جامع السلطان فتحي في إسطنبول، والشيخ حبّوش والمنشدين على الطريقة القادريّة والرفاعيّة من حلب، فضلاً عن الدراويش المولويّين (٣٠/ ٧). ومسك الختام سهرة مع فريدة محمد علي، التي يعرفها الجمهور اللبناني، وفرقة «المقامات العراقيّة»، بالاشتراك مع عازف العود عمر منير بشير (٤/ ٨).
يقدم بيت الدين هذا الصيف معرضين: الأوّل تحيّة إلى صباح، سيتضمّن ملابس وصوراً ووثائق مختلفة (مقتطفات سينمائيّة ربّما) من مسيرتها الحافلة التي تختزل ذاكرتنا الفنيّة. أما المعرض الآخر، فلأعمال الإيراني رضا عابديني، أحد أهمّ مصمّمي الملصقات والمشتغلين على الخط. ولمساته بادية هذا العام على الهويّة البصريّة لـ «بيت الدين»، التي أعاد قولبتها بأسلوب يجمع بين التقشّف والطقوسيّة والثقافة الشعبيّة والتجريد. تودّعنا الست نورا بهذه الأمنية: «كل سنة وأنتم ولبنان بألف خير».
www.beiteddine.org