خلال حصار 1982، والمحتل الإسرائيلي يحكم الخناق على «مدينة العالم»، هام شابان في شوارع المدينة المقاومة. كانا يلقيان قصيدة جديدة مغناة أكثر من خمسين مرة في اليوم، وفي أكثر من خمسين شارعاً وزقاقاً. تلك الأغاني/ المانيفستو التي ألقيت «على بوابات بيروت»، تستحث المدينة على المواجهة. أمّا الشابان فهما شاعر العامية المصري زين العابدين فؤاد والملحن والمغني الملتزم عدلي فخري. اليوم، تعيد بيروت اكتشاف الشاعر الذي حرّضتها كلماته على الحرية. بدعوة من «الجامعة اللبنانية الدولية» في البقاع، يزور فؤاد لبنان في إطار برنامج حافل، بعدما كرّمه «محترف إبريق الزيت» الشهر الماضي. بعد أمسية أحياها بضيافة الجامعة أول من أمس، يلقي أمسية شعرية عند التاسعة مساء اليوم في «مقهى درابزين» (الحمراء)، على أن يلتقي أبناء صور غداً في «المنتدى الثقافي»، ثم أبناء النبطية في مركز «المجلس الثقافي للبنان الجنوبي»، ويختم جولته الأحد بأمسية في «الرابطة الثقافية» في طرابلس.
أغنية «اتجمعوا العشاق في سجن القلعة» التي لحنها عدلي فخري، ثمّ الشيخ إمام، هي واحدة من أغنيات وقصائد كثيرة كتبها صاحب «وش مصر» (1972). بتأثر بالغ، راقب الشاعر الجيل الجديد وهو يعيد اكتشاف قصائده «المحرضة». «الشعر لا يموت»، قال صاحب قصيدة «مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر»، وهو يتأمل ربع مليون مصري في ميدان التحرير، يرددون أبياتها وراء حازم شاهين، مغني فرقة «اسكندريللا». وكيف لا يتأثَّر شاعرنا بمشهد كهذا، وهو الذي قضى حياته متنقلاً بين السجون منذ قصيدة «الحرب في أول السكة» التي كتبها حين كان مجنداً في القوات المسلحة. ألقاها في أمسية حضرتها جيهان السادات التي هبت تصرخ: «ما فيش جوع في مصر!» رداً على بيت قال فيه: «إتفجري يا مصر بالحرب... ضد الجوع وضد القهر واتسلحي للحرب بالحرية...». كان ذلك في 16 أكتوبر 1973. في اليوم ذاته، صدر قرار بمنعه من النشر، ثمّ سجن.
بعدها، توالت قصصه مع وزارة الداخلية: دخل السجن عام 1975 إثر تظاهرات عمالية اتهم بالمشاركة فيها. وعام 1977، اتهم مع كتاب آخرين بالتحريض على أحداث «18 يناير»، ومنع من السفر. رداً على ذلك، رفع دعوى على وزير الداخلية، وربحها، ثمّ قصد بيروت. هنا، أحيا أمسية شعريّة في 3 حزيران (يونيو) 1982، قبل رحيله بيومين... حينها، أغار العدو الإسرائيلي على منطقة الفاكهاني، فمزّق فؤاد بطاقة سفره: «مين مجنون اللي يمشي وفيه حرب؟» قال يومها الشاعر الذي لا يزال يؤمن بأن «الفن الجيد هو مقاومة يومية مستمرة ضد كل الأعداء بمن فيهم القهر والجوع والقبح».



9:00 مساء اليوم ـــ «مقهى درابزين» (الحمراء). للاستعلام: 01/749100