ليس مستغرباً أن يثير عرض الفيلم التركي «وادي الذئاب: فلسطين» (2010) غضب إسرائيل. يبدو أنّ أحد أهداف صناعة الفيلم الرد على المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال على متن السفينة التركية «مرمرة» التي كانت متجهة إلى غزة ضمن أسطول الحريّة. بعدما أنتجت شركة «بانا فيلم» التركية مسلسل «وادي الذئاب» الذي يتناول عالم السياسة التركية والمافيا، وفيلم «وادي الذئاب: العراق» (2006) الذي يحكي قصة أسر جنود أتراك في العراق عام 2003، تعود لاستكمال السلسلة بفيلم يعدّ رداً على عملية «مرمرة»، وتكريماً مباشراً أيضاً للنشطاء الذين سقطوا تحت النيران الاسرائيلية. حبكة الفيلم تنطلق بعد الهجوم الإسرائيلي على السفينة، ثم تأتي استعادة الهجوم في المشاهد الافتتاحية، ثم قرار الرد مباشرةً على هذه الجريمة.

هكذا، تُرسل فرقة كوماندوس تركية إلى فلسطين بحثاً عن القائد الإسرائيلي الذي أعطى الأوامر بالهجوم على «مرمرة». من هنا، تتكوّن بيئة الفيلم سريعاً لتظهر في صورتها الحركية العنيفة. في فلسطين المحتلة، يود أفراد الفريق التركي العبور إلى إحدى الباحات، لكنّ جنوداً اسرائيليين يمنعونهم. وهنا تحصل السخرية من الجنود حتى يبدأ أول قتال عنيف على طريقة الأكشن الهوليوودية، وهو الأمر الذي يطغى على معظم أجواء الفيلم. الشريط لاذع في هجائه للمؤسسة الإسرائيلية، يهدف إلى التركيز على فضح ممارسات قوات الاحتلال مباشرة. جندي إسرائيلي يلقي بطفل فلسطيني من عربة الجيش. القائد الإسرائيلي يحصل على نوعية جديدة من الرصاص ويجرّبها على فلسطيني فيقتله. ونشاهد أيضاً الحديث عن أنّ تأسيس إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات هو الحلّ لحماية الكيان العبري. يمضي الفيلم على هذا المنوال، متجنباً ـــــ لحسن الحظّ ــــــ الوقوع في فخ اللاسامية. لكن كلّ هذا النقد السياسي الممزوج بالحركة والسخرية، لا يؤسس بالطبع لعمل فني مميز أو متماسك. الفيلم الذي كلف نحو عشرين مليون دولار، يغلب عليه طابع «الأكشن» المبالغ فيه. وقد تعرّض مخرجه زبير ساسماز للنقد بسبب استغلال القضية الفلسطينية لتحقيق الأرباح. لكن هذا الضعف لم يؤثر على تفاعل الجمهور مع العمل، سواء التركي أو العربي. ورغم الاحتجاجات الإسرائيلية واتهام العمل بمعاداة السامية، لم تأبه الحكومة التركية. هكذا، عرض الفيلم في ألمانيا، ووصل اليوم إلى مصر ولبنان والأردن.


«وادي الذئاب: فلسطين»: صالات «أمبير» (1269)