بمزيد من الإعجاب، كالعادة، قرأت مقالة الزميل بشير صفير «هندي زهرة: صناعة يدوية بصوت فطري» («الأخبار»، ٢٣/٤/٢٠١١). وكالعادة تتضمّن المقالة قراءة موسيقيّة دقيقة لتجربة الفنانة المغربية المقيمة في باريس. لكن أودّ أن أعود إلى تفاصيل أوردها في سياق ما أظنّه «اختزالاً» لتجربة زهرة.
ليس دقيقاً القول إن المغنية الشابة من أب فرنسي، فهي ابنة جندي مغربي من مدينة خريبكة، عاشت الفترة الأولى من حياتها في المغرب وهي ذات أصول أمازيغية. وهذا ما تؤكده في أكثر من حوار، وتشير إلى أنّ موسيقاها متأثرة بهذا المكون الأمازيغي، وخصوصاً أنّ أمّها كانت تغنّي دوماً في البيت، كما هي عادة النساء الأمازيغيات.
صحيح أنّ المغنية الشابة لا تغني موسيقى جاز خالصة كما يؤكد زميلنا في مقاله، لكنّ معظم المهتمين بالموسيقى يؤكدون أنّ صوت المغنية ذو مرجعيات واضحة في موسيقى الجاز والبلوز. وهي لا تفتأ تردّد تأثرها الكبير بالديفا إيلّا فيتزجيرالد. هل أنا مخطئ؟
يقول بشير ضمنياً إن موسيقاها تنتمي إلى الفيوجن كشكل موسيقي. من جهتها، اختارت زهرة عنوان ألبومها handmade، كون الصناعة اليدوية في الثقافة المغربية، تحيل إلى المهارة والدقّة والإتقان. ولا علاقة للصنع اليدوي، في مرجعيات هندي بـ«الفطرية»، وخصوصاً أن هذا التصنيف له وقع سلبي وإن لم يقصد الكاتب ذلك. فالتسمية في استعمالها الحصري، «تنتقص» من قيمة الأعمال الفنية للتشكيليين المنحدرين من دول المستعمرات، وربطت بالـ«بدائية» أحياناً.
توقفت أيضاً عند معاتبة بشير صفير لمنظمي Liban jazz على دعوة المغنية. وحجته أنّ هندي لا تؤدي الجاز. هذه ليست المرة الأولى التي تدعى فيها المغنية إلى مهرجان جاز. فهي كانت ضيفة على مهرجانات عالمية ضمنها «المهرجان الدولي للجاز بموريال» (كندا)، و«مهرجان نيس للجاز» (فرنسا)... كما ستقف قريباً على مسرح مهرجان «لاديفانس جاز» الذي ينظم منذ 1977 في باريس.
كأننا بمقالة زميلنا أيضاً، تنتقد تعدد مرجعيات المغنية. لكن بشير صفير يدرك أكثر من سواه، كمتتبّع نقدي للمشهد الموسيقي أن الموسيقى لم تعد منغلقة على ذاتها في أصناف معينة. إنه زمن التلاقح والثورة على الأجناس.
هندي زهرة نجمة كبيرة، وبرأيي فإنّ استضافتها مكسب لـ Liban Jazz. تجدر الإشارة إلى أنّ نجاحها سيتكلل باستضافتها الأربعاء المقبل على أشهر مسارح فرنسا L’Olympia.



يسرنا هذا النقاش العلني على صفحات «ثقافة وناس» بين أفراد الفريق الواحد. علماً أن بعض الملاحظات الواردة أعلاه تناولتها المقالة موضوع النقاش (التأثيرات الأمازيغية، العلاقة بالجاز...). ولم تكن الإشارة إلى مرجعيات الفنانة إلا تأكيداً على «أن الموسيقى لم تعد منغلقة على ذاتها». شكراً على التوضيح المتعلّق بأصل والد هندي، وسبب الالتباس أن معظم المراجع (حتّى موقعها الرسمي) لا يتناوله صراحة، فيما تشير بعض المواقع إلى أنّه فرنسي، ومنها موقع بيع بطاقات حفلة الأوليمبيا. (التحرير)