لم تعرف «الجزيرة» تهجئة اسمه. «الصحافي الجزائري سيّد مهند معتقل في سوريا». هكذا يمرّ النبأ على الشاشة، ليعتقد كلّ من يعرف خالد سيد مُحَنْد (40 عاماً) أنّه أمام نكتة سمجة. يُعِدّ هذا الصحافي المستقل أشرطة إذاعية وثائقية لصالح راديو «فرانس كولتور». وقد ركّز اهتمامه على مسألة الأقليات، هو الذي اختبر معنى أن تكون مهاجراً في باريس. أقام في ضواحي العاصمة الفرنسية، مع عائلته الأمازيغية، منذ كان في السادسة.بعد ثلاثة عقود من الهجرة، لا يزال يحتفظ بجنسيته الجزائرية، وبحساسية عالية تجاه أشكال التمييز العنصري أو الديني. هكذا، أنجز أعمالاً وثائقية عن المسيحيين في العراق مثلاً... و«الضيافة في بلاد الشام» التي اختارها مكاناً لإقامته قبل سنتين.
«اعتقل رجال بلباس الأمن خالد في 9 الجاري من منزله في دمشق، بحسب جيرانه»، يخبرنا أحد أصدقائه. وسط غياب أي معلومات عن سبب اعتقاله ومكانه، طالبت إذاعة «راديو فرانس» وصحيفة «لو موند»، ومنظمة «مراسلون بلا حدود» بالإفراج عنه. وبموازاة تأليف لجنة لدعمه تضمّ أصدقاءه وعائلته، تحركت وزارة الخارجية الجزائرية، وبعض الأقنية الدبلوماسية الفرنسية، لحث الجانب السوري على إطلاق سراحه. في هذه الأثناء، تردّدت معلومات غير مؤكدة عن وجوده في مكتب الأمن القومي منذ الخميس الماضي.
خالته الصحافية الجزائرية فاطمة صيصاني، استغربت شائعة تداولتها بعض المواقع حول «حيازته الأسلحة»: «كلّ من يعرف خالد يعرف أنّه لا ينتمي إلى أي تنظيم. هذه التهمة لا تشبهه أبداً». هذا ما تؤكده أيضاً صديقته المقرّبة، مراسلة «لو موند» الفرنسية في بيروت سيسيل إينيون: «لا يعمل خالد في الصحافة السياسية، لكنّه تعاون مع «لو موند» لنقل بعض أجواء الشارع السوري، لكونه يعرف الشام عن قرب. بالطبع، هو ليس مسؤولاً بأي شكل من الأشكال عن السياسة التحريرية للصحيفة، ولم يوقّع أي مقال حول الاحتجاجات الأخيرة».
سيد محند وجه أليف في مكاتب «الأخبار»، أمدّنا العام الماضي بتسجيل نادر لمقابلة أجراها مع الراحل جوزف سماحة عشيّة إطلاق الصحيفة. كذلك كان يزور بيروت دورياً لإعطاء دروس في الصحافة الإذاعية. لهذا، حلّ خبر اعتقاله كالصاعقة على أصدقائه اللبنانيين، وعلى طلابه في «ماستر الصحافة الفرنكوفونية» في «الجامعة اللبنانية» الذين أصدروا بياناً مطالبين بالإفراج عن أستاذهم. عوضاً عن إعطاء مواعظ فجّة في الموضوعية، كان سيد محند يدخل الصف حاملاً فيلم «بولينغ لكولمباين» لمايكل مور، وشريط ألان باكولا الشهير «كلّ رجال الرئيس». رغم خفره المعهود، كان يرى في الصحافة الاستقصائية الأميركية على طريقة السبعينيات مثالاً للمهنة. احتفاظه بالبرودة في مقاربة الأحداث، لم يمنع المقرّبين منه من تلمّس نفَس واضح في مناهضته للهيمنة بكل أشكالها. هذا هو خالد سيد محند. كأنّ الأمن السوري اعتقل الرجل الخطأ...