على ملصق «مهرجان بيروت للرقص المعاصر» في نسخته السابعة، يتربّع جندب أخضر. الحشرة التي التقط صورتها الزميل مروان طحطح، هي هذا العام رمز دورة حافلة لمهرجان يزداد نضجاً، كأننا بـ BIPOD يؤكد مجدداً نيّته القفز فوق أي حواجز ممكنة للجسد.بعد ساشا فالتز العام الماضي، يفاجئنا البرنامج هذا العام بأسماء كبرى في عالم الرقص المعاصر يتصدّرها ويليام فورسايت (راجع المقال الرئيسي) وألان بلاتيل.

يراهن مدير استوديو «مقامات» عمر راجح على تحويل بيروت إلى قبلة عربيّة للرقص المعاصر. قد نحتاج إلى سنوات لبلوغ الهدف، خصوصاً أنّ العروض الراقصة تدخل مسارح العاصمة خلال أيام Bipod، ثم تختفي، لكنّ راجح يرى أنّ «الملتقى يعوّل على التراكم، عبر طاقات المبدعين الشباب».
ابتداءً من الليلة إذاً، ستجتاح الجنادب الخضراء مسارح بيروت. برعاية وزارة الثقافة، وبالتعاون مع «مهرجانات بيت الدين» والمراكز الثقافية الأجنبية في بيروت، يطلق «استوديو مقامات للرقص المعاصر» النسخة السابعة من BIPOD. بالتعاون مع «شبكة مساحات»، ستجول العروض المشاركة في البرنامج البيروتي (حتى 30/ 4)، على رام الله (بين 14/ 4 و5/ 5) وعمّان (بين 17/ 4 و2/ 5). وكان يُفترض أن تكون دمشق محطّة أساسيّة في الشبكة، لكنّ التطورات المهولة على الساحة السوريّة، فرضت إلغاء العروض.
الافتتاح الكبير الليلة في بيروت، مع «فرقة وليام فورسايت» التي تقدّم في «مسرح المدينة» ثلاثة أعمال قديمة للكوريغراف الأميركي المقيم في ألمانيا، جمعها بعنوان «أعمال الحجرة». وغداً، سيكون الجمهور على موعد في المسرح نفسه مع «خارج السياق ـــــ لأجل بينا» لألان بلاتيل.
الكوريغراف البلجيكي الذي أحرق علم إسرائيل على المسرح مرّة، يعمل منذ تأسيسه فرقة Les Ballets C de la B عام 1984، على نقل الاضطرابات النفسية إلى لغة الرقص. في عروضه، يجمع بلاتيل بين الموسيقى الأوركسترالية، والرقص، وبعض الفوضى. لهذا يأتي احتفاؤه بالكوريغراف الألمانية الرائدة بينا باوش (1940 ـــــ 2009) خارجاً عن سياق أعماله. يقدّم هنا محاكاة ذكيّة لتقنية باوش. العمل بسيط: أجساد وحيدة من دون ديكور، ولا ثياب تقريباً. لا شيء إلا حوارات راقصة، تبحث عن «الطريقة التي يحوك بها الناس علاقاتهم» يقول بلاتيل.
هكذا، بعد سنة من التحضيرات، يقترح علينا المهرجان الذي يديره الكوريغراف اللبناني عمر راجح ورفاقه، برنامجاً يطلّ على أبرز توجهات الرقص المعاصر اليوم. وسيكتشف هواة النوع مدارس تختلف كثيراً لناحية مقاربتها مفهوم الحركة. علماً أن الضيف الشرفي لهذه الدورة، سيكون الكوريغراف والراقص أكرم خان، الذي سيلتقي الجمهور بعد تقديم عرضه «الطريق العموديّة» (راجع صفحة اليمين).
جيل جوبان، المصمم السويسري الذي بات معتاداً العاصمة اللبنانية، سيقدّم هذه السنة عرضاً طازجاً بعنوان «مجرّات العنكبوت» (30/ 4). هنا، يواصل جوبان تركيزه على فلسفة الحركة. مع أربعة راقصين على الخشبة، يصمم متتالية مرهقة من الحركات القصيرة، والمتقطعة، والبطيئة في آن واحد... كأنّه «تخطيط كاليغرافي متواصل للحركة»، بحسب تعبيره. من سويسرا أيضاً، تقدّم فرقة «لينغا» Falling Grace (١٦/ ٤) الذي يرتكز على تقنيات الاحتكاك بين أجساد الراقصين، على طريقة المصممين كاترجينا جوانيك وماركو كانتالوبا. يعالج العرض تيمة التوازن والاستقرار، بوصفهما الطموح المثالي للحياة السعيدة، كما تصوِّرها المجتمعات الحديثة.
وتذهب الإسبانية موريال روميرو إلى مكان آخر، في «كاتيكسيس» (28/ 4). ترّكز اهتمامها على دور الصوت في الحركة. على موسيقى بابلو بالاسيو، سنشاهد رقصاً منفرداً مبنياً على مسارات صوتية، تُكيّف الحركة وتُطوّعها. أما فرقة «تشانكي موف»الأسترالية، فلن تحتل الحركة موقع الصدراة في «وهج» (17/ 4)، بل التفاعل بينها وبين تقنيات الفيديو الرقميّة، في خلطة انصهاريّة غريبة من الأجساد والظلال.
هناك الكثير مما يعدنا به «بايبود 2011» على مدى أسبوعين من عروض متاحة لشرائح الجمهور المختلفة، بعيداً عن أسر النخبة... أو كما يقول ألان بلاتيل: «هذا الرقص مُلك للعالم، والعالم مُلك للجميع».



Bipod: حتى 30 نيسان (أبريل) الحالي ـــ «مسرح المدينة»، «بابل»، «مونو»، «بيروت». للإستعلام: 01/343834