فيما مثّل الـ«فايسبوك» أداة التواصل الأبرز والأكثر فاعليّة في الدعوة إلى الثورات العربية المتنقّلة، ها هو سؤال الحرّيات يعود إلى الواجهة على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر مع الدعوة إلى «الانتفاضة الفلسطينية الثالثة». إذ ألغت إدارة «فايسبوك» مرّتين الصفحة التي أسّسها شباب فلسطينيّون في 6 آذار (مارس) الماضي.
الصفحة التي تدعو اللاجئين الفلسطينيين وكل الأحرار في العالم إلى الاستعداد والتجمّع في 13 و14 أيار (مايو) في نقاط حددها المنظمون من أجل الانطلاق في ذكرى النكبة في 15 أيار (مايو) في «مسيرة العودة إلى الأراضي المحتلة عام 1948»، أثارت ريبة المسؤولين الإسرائيليين. فإذا بوزير الإعلام الاسرائيلي يولي آدلشتاين يطالب إدارة «فايسبوك» بإقفال «الانتفاضة الفلسطينيّة الثالثة» على الفور. رضخ الموقع للضغوط الإسرائيليّة وأغلق الصفحة رغم كونها أكبر صفحة فلسطينيّة، نجحت في أقل من شهر في حصد أكثر من 350 ألف مشترك. ثم أعاد الكرّة حين أعاد مؤسّسوها إطلاقها. لكن هذه المرّة، كان الرقيب الفايسبوكي أسرع، فأغلق الصفحة بعد ساعة فقط من إعادة إطلاقها. نذكر هنا أنّ الموقع عمد قبلاً الى إغلاق صفحة «الحريّة لفلسطين» التي تضمّ 216 ألف مشترك من دون تقديم أي تفسير.
اليوم، ورغم انحياز «فايسبوك» للجانب الإسرائيلي، تعاني إدارته من غضب العرب والصهاينة منها على حدّ سواء. إذ رفع لاري كلايمن ـــــ أحد المحامين من صفوف اليمين الأميركي المتشدّد ـــــ قضيّة ضدّ إدارة «فايسبوك» يطالبها بتعويض مليار دولار بسبب «تأخّر الموقع في إغلاق صفحة الانتفاضة الفلسطينيّة الثالثة». برّرت إدارة الموقع الموضوع بأن الصفحة بداية دعت إلى تظاهرات سلميّة، ثم اكتشفوا أنّها تدعو إلى العنف. أمّا الردّ العربي على عمليّة الإغلاق، فتمثّل بدايةً في إنشاء العديد من الصفحات المماثلة التي تدعو إلى مسيرات سلميّة مليونيّة تحقّق الحلم الفلسطيني بالعودة، ثم بدعوة إلى مقاطعة الموقع الاجتماعي 24 ساعة انتهت صلاحيتها منتصف ليل الأحد الماضي، وخيّر فيه المقاطعون الناس بين الأقصى و«فايسبوك». كما نشروا تنبيهاً أعلنوا فيه أنّه إذا لم تعد الصفحة خلال 24 ساعة، فإنّهم سيعمدون الى إضافة «مانع الإعلانات»، ما سيمنع ظهور الإعلانات وانسحاب المعلنين والمستثمرين، ويكبّد «فايسبوك» بالتالي خسائر مادية. لكن يبدو أنّ المقاطعة لم تنجح في إعادة الصفحة، إذ يقول الصحافي المصري وخبير الـ«نيوميديا» أحمد ناجي لـ«الأخبار» إنّ هذا الأمر لا يتمتع بتأثير فعلي على «فايسبوك»، وخصوصاً أنّ تقنيّة «مانع الإعلانات» لا يمكن أن تؤثّر عليه. ويبدو أنّ المقاطعين تداركوا الأمر، إذ لجأوا أمس إلى إطلاق صفحة جديدة على «فايسبوك» بعنوان «العدّ التنازلي لموعد الانتفاضة الفلسطينيّة الثالثة ـــــ انشر الصفحة». وهدّد مؤسّسوها إدارة «فايسبوك» بأنّه إذا أغلقت هذه الصفحة أيضاً، فهناك «خطّة لضرب اقتصاد «فايسبوك» في الشرق الأوسط». وكان مؤسّس الصفحة قد نشر على «يوتيوب» فيديو يعرض فيه تفاصيل التحرّك ونقاط التجمّع لانطلاق التظاهرات المليونيّة لتحرير فلسطين.