تعبر اللاذقية شريط الأخبار، تمحو ما قبلها وما بعدها من كلمات، تنفرط حروفها وأمضي خلفها في تلك الأزقّة والشوارع العابقة برائحة القرنبيط وقطن فراش مندوف. الأسود متوافر الآن بكثرة، لا رائحة للرصاص سوى القتل، يعيش الزعران، والقتلة، والشبيحة الأشاوس. والحمد لكل الآلهة مجتمعين أو متضاربين أنهم ما زالوا موجودين، إنهم الفصيل الذي سيخلّصنا من التطلع إلى الحرية، متآمرين أو غير متآمرين، إنهم الورقة الرابحة في وضعنا أمام خيارين: إما الفتنة الطائفية أو القمع.
السماء واضحة أيها التافه تقول لنفسك. يمكن العودة بالزمن، أن تستعيد مدرستك «محمد شكري حكيم» تركِّب في رأسك مشاهدات طفولتك في الثمانينات لتتعرف على ما يحدث الآن. تقول هذا ما يحدث أمام مدرستي، هناك من يحرق الإطارات أمامها. من «الشيخ ضاهر» المحترقة ستمضي في شارع أنطاكية. تفكر في أن تمر على منذر مصري وبوعلي ياسين في دائرة التخطيط. يا الله بوعلي تركنا وسيجارته عالقة على طرف شفتي منذ 11 سنة. منذر تقاعد من الدائرة، والآن لا تتقن معه إلا اشتياقات قاتلة، لا تجد حيالها إلا الصمت. لم يكن الله وارداً ولا الطوائف، كنا وأصدقائي نصوغ مملكتنا، وكلما ذكّرنا السفلة بالعلوي والسني، قتلنا الضحك إلى أن لُفِظنا جميعاً من سوريا واحداً تلو الآخر، «برا» وقتلنا الضحك أيضاً، وقد صار البكاء ما يقتلنا الآن.
لست من أصحاب النوايا الحسنة. لست مدبجاً لشيء مثل عناق الخلعة الخضراء العلوية مع حجاب سني. لا أؤمن بهذا الهراء الرمزي، ولا حاجة لي بذلك، لكن أعرف جيداً ما أنا عليه ومثلي الآلاف في اللاذقية. أعرف أني موزع بالتساوي على العلوي والسني، نصفي ونصفي الآخر، أعرف كيف كنا نشرب العرق سنّة وعلويين بصحة الإمام علي، ونتبعها بصحة عمر بن الخطاب. هذه حياتي التي علي أن أصفها الآن بهذا التوصيف الطائفي المقرف. أعرف أني بمجرد أن يعرف أحدهم أني من اللاذقية حتى يسألني: «من البلد ولا من الجبل؟». وحين أقول: «ماذا تريد أن تعرف؟ هل أنا علوي أو سني؟». ينفي ذلك بشدة! واللاذقية لن تستطيع يد أن تعبث بها، وهي موشومة بهذا السؤال القبيح، وكل من حولي يضحكون على جهل من يسألهم سؤالاً حقيراً كهذا.
حتى في الصين قد يسألونك عن ذلك إن كنت من اللاذقية. الأمر مضحك، مبكٍ، وهناك ما يحز الرقبة الآن، نعم نريد الحرية، نريدها بقوة، لا بل نريدها أكثر، نتوق إليها، وهناك من استشهدوا وسجنوا من أجلها. وبين ضياع وآخر يستيقظ الأسى، يستيقظ صمت قاتل ممضّ، يستيقظ الدم الذي يراق، الدم الذي يوصف بصفات مجردة وعائمة، دم يأخذني إلى مكان آخر، إلى معابر لا تفضي، وقد اشتغل عليها لعشرات السنوات لتكون كذلك، إنه الارتطام بالجدار، بالأسلاك الشائكة، بالسجن، ببلد مأخوذ كرهينة.
* كاتب وناقد سوري، رئيس تحرير موقع «أوكسيجين» ـــــ مقتطفات من نصّ نُشر ضمن عدد خاص عن سوريا:
www.o2publishing.com
23 تعليق
التعليقات
-
ارجو من الجميع التمعّن فيارجو من الجميع التمعّن في معنى المقال وفهم رموزه قبل الهجوم على كاتبه فليس ما يريده هو بث الفتنة أو إحياء الثورة وما إلى هنالك من سخافات أكلت رؤوسنا علينا أن نبتعد عن العاطفية والكلمات الرنانة والتطبيل والتزمير علينا ان نعي أن ما كان يحدث في سورية في السابق وما يحدث الآن بالتحديد هو دليل على خلل معين في الطريقة التي ننظر بها إلى الأمور، فما من أحد ينكر الوضع المعيشي الصعب الذي نحياه في سورية والتناقضات والفساد. ولا يجب أن نسقط نظرية المؤامرة على كل شيء وعلينا أن نتخلص من الموروثات الدينية كي نتمكن من تأسيس مجتمع يستوعب جميع الأطياف والمذاهب وطرق التفكير. وشكراً
-
في الفرق بين المثقفين والناس العاديينلقد فشكل مثقفوا اللاذقية في أول اختبار جدي لهم، ونجح العامة من الناس (ولا أقصد بالعامة من خرب الشيخضاهرو العوينة) فالناس العاديين ضحوا بحياتهم أو قدموا أنفسهم من أجل وأد الفتنة أما المثقفون فجلسوا يستحصلون ما استطاعوا من مكاسب "كمزيد من الحريات" ويشربون العرق على ارواح من استشهدوا
-
أحبائي الثواركيف ستقلبون النظام؟ طيب بعد ما تقلبوه ما هي خطتكم للحكم أم ستتركون الأمر لولي الأمر و أمريكا لترعى ثوراتكم ثورات الحرية و بس أصلا أكبر خطأ عمله النظام السوري أنه لم يبق لساناً لمعارضة إنما ترك الكارهين ...وبس ياشباب ما رح تكسبوا إذا لم تكونوا أحسن ممن تريدون الإنقلاب عليه
-
لا تمثل شيئاأتمنى أن تنشروا ردي والا فلن تكونوا الأخبار التي عهدتها بمجرد أن تنشروا هكذا كلام لايعبر عن شخص يحاول تسخيف أهل اللاذقية لقد مر اسبوع من حرب الشوارع في اللاذقية وقد تكاتفنا يدا بيد علويين وسنيين ومسيحيين وألقينا القبض على المئات في مختلف شوارع اللاذقية وسترون ذلك قريبا على الشاشات لقد امتطوا مطالب الشعب المحقة لبث الفتنة وقد أفشلنا مخططهم ويا صحيفة الأخبار المحترمة جدا بالنسبة الي ...اذا كان هنالك خلاف بينكم وبين وزارة الاعلام السورية فهذا لايعني أن تشاركوا وسائل الاعلام في حربها الاعلامية علينا وأتمنى توضيحا بذلك
-
في خندق تنينهؤلاء الذين قاموا بفتح صفحة تدعو لنبذ هذه الكلمة, التي ما زلت أحس بغربة لمجرد لفظها, هم يسوقون لها بطريقةغير مباشرة, هكذا كان رأيي في بداية " الأزمة", أما الان, تغير كل شيء...... يا خجلتي من حالي و منك يا صديقي, أصبحت هذه الكلمة مصابحة مماسية على لسان الجميع, الجميع دون استثناء, من الأعلى شأنا" و بالنازل.. يطالعني "معارض" ينتقد لباس أحد أعضاء مجلس الشعب, و هو العضو الوحيد الذي نطق بكلمة حق في جلسة مغلقة فأعاد الينا الأمل بمجلس مهترئ. لم يعجب الأخ المعارض اللباس العربي لهذا العضو, ايه طبعا ما رح يعجبو, مو قد المقام, أزداد قرفا" من نفسي و من هالزمن ......... ويا زمان الطائفية..... عرفتوها للكلمة؟؟ ايه هي هيي...ما بتطلع معي غير بغنية.......
-
في خندق واحد"هي الكلمة ما بتنقال عنا...هي الكلمة بتذكرني بالمذيعات و السياسيين اللبنانيين...و ما تقولا!!!!!!" هكذا نهرت صديقي على الهاتف بعد اكثر من ساعة من الجدل البيزنطي, كان بيزنطيا" لعدة أسباب, أولها الشخص الذي نسجه خيالي الجالس تحت سابع أرض, ممتعرا" سماعاته أمام لوحة أزرار تعود للقرن الخامس و العشرين, و ثانيهما, الخوف الممزوج بالحقيقة الموجعة و الشيفرة لهذا المزيج الجملة التالية:"الفايس بوك علاك بس مو عالفاضي, بلا ما تحط ستاتس تروح تدهورك" الهدف من المكالمة كان تهديد صديقي بإعلام عائلته عن نشاطه الفايسبوكي المستتر إن لم يتعظ, أصر على إقناعي أن ما يكتبه يعبر عن رأيه الحر الذي ينتمي للوسط, لم أرد مناقشته بهذا, يا فرحتي, و صرنا نحكي بالوسط كمان..... و حياة زياد رحباني, تستحضرني جملته "شو رأي؟؟؟؟؟ما في رأي, في مؤامرة", أكثر من مئة مرة بالنهار, تبينيتها في بداية "الأزمة" و بتّ أستشهد بها عالطالعة و عالنازلة.
-
تفاهةيعني هكذا مقال من هكذا كاتب - مع كل احترامنا لكم- يحملني على الغثيان ... لا يوجد رابط يعول عليه سوى مجموعة من الأفكار الساذجة التي يبني عليها كاتب المقال مقالته .. أعذروني يا جريدة الأخبار ولكن إذا كنتم مستمرين بلإعتماد على مثل هكذا "أدباء" أو مدعي ثقافة في رصد الواقع السوري فالعوض بسلامتكم في سوريا لأنهم كتاب يتحدثون عن شعب يعيش في المريخ وليس في سورياولا أعرف أي طبقة ثقافية يمثل هؤلاء!!!!. حرام عليكم يا جماعة الأخبار ارأفوا بحالنا نحن السوريين من هكذا "مثقفين" ... هبونا هبي.
-
انهم الأحرارياسيد ان الثورة هي ثورة الشعب السوري بكلأطيافه ضد الطغيان والقهر والعبودية للمطالبة بالحرية , ليس هناك أحد يريد السلفيين او أي جهة متطرفة , الا يكفينا تطرف النظام !!!! وللعلم في ظل نظام ديمقراطي ليس لأحد اتخاذ قرار اإللا بأغلبية الأصوات,كفاكم اتهام الشعب والجماهير المحتجة بكل الاتهامات !!!!!! مرة نسمع انهم مندّسين,مرة نسمع متآمرين , مرة نسمع اصحاب فتن والآن نسمع منَّك انهم أخوجة!!!!!! لماذا لا تقول عنهم انهم الأحرار
-
دائما عند حسن الظنزياد ألف تحية.... دائما عند حسن الظن دائما عند معقد الأمل. بوركت. ما آلمني أنك تتألم من هكذا سؤال، أي جرح؟ مثلك من يعلو فوق هذه الجارح، وقد فعلت.
-
سنصل الحرية حتما دون طائفيةسنصل الحرية حتما دون طائفية .. ستصبح سوريا جميلة بثوب الحرية حمى الله الجميع , جميل ما كتبت يا سيدي والمجد للشهداء ...
-
رائع يازيادرائع يازياد
-
وبعد ؟هل انتهيت ؟ هل تمرغت في عبقريتك بما فيه الكفاية ؟ ألن تخرجوا من قالب مثقفي السبعينيات والثمانينيات أبداً؟ هل تظنون أن صف أحرف السخرية بيد والقبض على كأس مترنح في اليد الأخرى، بينما تنظرون وتنظّرون إلى ما يحدث من اجتماعات مقاهيكم المغلقة المفتوحة يجعل منكم ظواهر فريدة؟ هل تعرفون مدى المسافة التي تفصل بينكم وبين من سكب دماغه على الورق وحرك الملايين؟ بينكم وبين كتاب خُلّد تفرّدهم ومس العقول والأجواف؟ الكثير .. تفصل بينكم الجرأة والروح والموهبة و.. الزمن. الزمن تغير، والظروف تعاقدت وتشابكت، ولم يعد الخيط الأبيض مفصولاً عن الأسود. لم تعد الحرية مطلوبة "مهما كان الثمن". لم تعد الثورة موجاً جارفاً يجلي السطح الملوث. تحولت إلى أسهل الطرق لفك كتلة متشابكة من الحبال، دون محاولة قطعها أصبحت الثورة ترتيب للأولويات، ليس من منطلق الجبن، بل من منطلق المنطق والعقل. إستأصلوا السرطان، قبل أن تحاولوا معالجة الزكام وإذا لم تجرأوا على مواجهة الواقع، دونوا أفكاركم في مذكراتكم الخاصة، وليس أمام أعين الناس ..
-
الصحفي اللبناني له أغلى سعر بالعالمعندما حدثت الفتنة نتيجة الصداقات المشتركة للآلاف من الطوائف كل واحد يتصل بالآخر شو كيف الأوضاع عندكم صحيح أن جماعتكم يستعدون للهجوم علينا ، فيكون الجواب و الله كلو كذب لأنو عندنا الأخبار أنكم أنتم ستهجمون علينا ، و هذه خطة معلمكم فيلتمان و بندر بن ، و نحمد الله على وعي شعبنا السوري لهذه المؤامرات و نتمنى أن تصلوا إلى مستوى وطنية و عروبة شعبنا ، و أتمنى منكم نشر تعليقاتنا لأنكم نتيجة تذبذبكم أصبحتم لا تنشرون إلا ما يسيء لسورية
-
نعم لـ سورياالطائفية لا يمكن أنكارها .. مثلها كمن يسأل من أين أنت سوري أو لبناني أو فرنسي .... لماذا يتم اعتبارها تفرقة .. يمكن لكل الطوائف أن تعيش سوية بتفاهم و محبة كما هي الحال في سوريا لم أعاني في حياتي من هذا الوضع بالعكس تماماً لم نكن ننتبه إليه لولا كلامكم هذا .. أنتم يا سادة بهذه التلميحات تدعون بشكل غير مباشر إلى استغلال الطائفية في العداء . و هذا لا يجوز لأننا استطعنا و بدون أي جهد أن نعيش في ظل الطائفية " بمحبة " نعم لدي أصدقاء من كل الطوائف و نستطيع أن نتعامل في كل المجالات بدون أي حواجز .. و الله دائماً في اللاذقية و في كل مكان لأن ضميرنا و ديننا مهما كان يعرف الله حقاً
-
الواقع المرلمن تقول هذا الكلام؟؟ عندما يقع الفاس بالراس ترى كل واحد منهم يعود لجذوره والى معتقادته, مهما كان متحرراً بفكره فتبقى العقيدة والأنتماء هما الأقوة. المهم وكما أشرت انت تعلم مبدأ التسامح وتطبيقه كما جاء في جميع الأديان والطوائف.
-
زياد العزيز هذا الكلام واقعيزياد العزيز هذا الكلام واقعي وانت لا تتكلم عن فراغ فكلنا عشنا هذه التجارب بادق تفاصيلها لكن للأسف باتت كل الأشياء ورادةأو بات كل شي لا معنى له أزمة حقيقة هي المقومات التي تستند لها الانظمة لدعم غريزة بقاءهاوهي مسؤولية النظم بالدرجة الأولى ولا يستطيع اي سياسي او فيلسوف أن يثبت عكس ذلك والمشكلة الحقيقية واركز كثيراً على هذه الكلمة أن الأنظمةهي التي تريد اسقاط شعوبها والمسألة ليست في أن الشعب لا يرغب في النظام الكل لا يرغب في الآخر هذه محنتنا. معقول نتشرد بالشوراع نحن السوريين يازلمةهي اخرتها ، بسيطة،،، ربك بعين
-
حلو عناماعاد ناقص إلا الادب حتى يحل مشاكلناحلو عنا كرمال النبي
-
اعتقد ان المطلوب ان تصل سوريااعتقد ان المطلوب ان تصل سوريا الى بر الامان باهلها وناسها , بطموحاتهم واحلامهم وانجازاتهم ...ولكن ليس باوهام المنظرين من اقاصي الارض ولا الموعودين بجنة الآخرة .... كلنا نريد بلداناً تشبهنا ...قبل كل شيئ .
-
للاذقيةسبحان الله كأنك في راس كل واحد لاذقاني فانا في الاغتراب عندما يعرفون اني من الاذقية اول سؤال علوي او سني دعوا الدين للديان
-
لله ملك السموات والأرضوليس على الله جل وعلا الدخول للمدن والأزقة فالله يدخل القلوب يسكنها وينزل بها السكينة ,وهو عندما خلق البشر خلقهم كماشاء مسيحين واسلام وعبدة نار (فهو حر ) الحرية بالمطلق لله فقط فله الاطلاق ولنا التقييد فيطالب كل بما يريد ولكن لنجعل السقف واضح . فليشرب الذي يريد العرق مايريد وليجول الشوارع داعية للخير والتقوى ولكن ليس لهذا أن يقاطع ذاك ولالذاك أن يسكت هذا.
-
الله يرحمو لبيكنريد الحرية يابو العبد نعم نريدها الان .. الله يرحموا لبيك عاهالحكي البيعبي الراس... وبصحتك يابو العبد من الصين ... ولك الله لتكون قاعد بيناتنا هون بالصين لانو متل ماحكيت عندما يشتمون (التاء بالفتح والميم مشددة) رائحة اللاذقية ياتي السوال الاخرق.... نعم لامكان لله ومشتقاته في اللاذقية.... وكاسك يا زياد......
-
قسما بالله العظيم اني عم اصليقسما بالله العظيم اني عم اصلي ليل نهار لكي ينجح الاخوانجية و السلفيين بتحركاتهم بس لشوف شو بدو يصير فيكم و بالثقافة و الحريات التي تنشدونها ... و بس لشوف شو بدها تكتب الاخبار ساعتها