يحاول شباب الضواحي الباريسية، ذوو الأصول المغاربية، تغيير الصورة النمطية التي رسمتها عنهم بعض وسائل الإعلام. ويجد هؤلاء الشباب في الموسيقى وسيلة للتعبير عن أنفسهم، وسلاحاً للدّفاع عن خياراتهم. وخلال السنوات القليلة الماضية، برزت أسماء فنية متميزة، وخصوصاً في مجال الراب، على غرار الجزائري ريمكا (عبد الكريم براهمي)، قائد «فرقة 113»، ومنظّر مشروع Maghreb United (2009). إضافةً إلى المغربي La Fouine (العوني موحد) الذي أصدر أخيراً ألبومه الرابعLa Fouine Vs Laouni، وحمّله بعض ندوب المحنة ووميض استشراف أمل. في هذا الألبوم، يكشف الرابر عن وجهين مختلفين. ويطرح فرضية الجمع ــــ في شخص واحد ــــ بين وجه رجل العصابات المدمن على المخدرات، ووجه رب العائلة الرومانسي والملتزم بروح المسؤولية.
وجهان متناقضان، قد يصعب إيجاد رابط يصل بينهما، لكنهما يشكلان نواة سيرة «لا فوين» (30 سنة).
طُرد الرابر من المدرسة في سن الخامسة عشرة، وسجن بسبب قضية متعلقة بالترويج للمخدرات، قبل أن يصير واحداً من أهم وجوه الراب في فرنسا، ويعتلي هرم المبيعات، ويؤسس عائلة، ويسمي ابنته فاطمة، رغبة منه في ربطها بأصولها المغربية.
تضمّن الألبوم جزءين اثنين، خصص جزء لشخصية مغني الراب، وتضمن الثاني إضاءات على حياته خارج دوائر الأضواء. يلج بنا الجزء الأول من الألبوم إلى عوالم الضواحي الباريسية المظلمة، حيث تتعدد مشاهد العنف الجسدي واللفظي، بين المخدرات والمطاردات البوليسية. يحكي «لا فوين» عن ذلك بالعربية والفرنسية، في لغة تطغى عليها العدائية تجاه «الآخر» (الخائن، الغيور، الأبيض). عدائية موجهة صوب بعض القيود الاجتماعية نجدها في أغاني «نهار الشيطان»، «سلُم عليهم»، «بافانا ... بافانا» و«اتركهم يتكلموا». نبرة ليست بغريبة على أغنية الراب المتداولة بين أوساط المهاجرين.
في الجزء الثاني نلتمس روح المغني الهادئة، ونجد أمامنا شخصية مختلفة تماماً عما يتداول من تناقضات حوله. نسمع منه صوت العقل والمنطق فيه، كأنّه يراجع سنوات الشباب الأولى ويقدم اعتذاراً لوالده في أغنية «بابا»، ويتذكر جوانب مضيئة من حياته السابقة في أغنية «ضوء»، ثمّ يستعيد خيبة المراهقة في «تأتي من السماء»، الموجهة الى والدته، التي أداها مع مغنية R&B الجزائرية زاهو.
يأتي ﺃلبوم La Fouine الجديد بعد سنتين على ألبومه السابق «معالمي» (2009)، ليضاف إلى ريبرتوار أغنية الراب، بين أوساط المهاجرين المغاربة، في مدينة الجن والملائكة.