قبل عام تقريباً (أو أقلّ)، شهدت أروقة «أوربت» السعودية في بيروت إضراباً عاماً لموظفيها، اعتبر الأول والأضخم في تاريخ الوسيلة الإعلامية (الأخبار 9/2/2015). كانت نتائج ذلك الإضراب إيجابية، إذ أدى إلى دفع المستحقات المادية المكسورة للموظفين التي تأخّرت كثيراً ووصلت إلى 11 شهراً.
لكن تلك الحيلة لم تعد تُفيد العاملين ولا حتى يفكّرون فيها، فقد قرّر القائمون على المحطة الاستغناء تدريجاً عن مجموعة من الموظفين بحجّة تخفيف الأعباء عليهم، وخصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي استفحلت في السنوات الأخيرة.
اعتاد موظفو «أوربت» قرارات الصرف التي أصبحت أمراً «متوقعاً» بالنسبة إليهم، بعدما رأوا زملاءهم يُصرفون واحداً تلو الآخر. وكانت «أوربت» (بيروت) تضمّ نحو مئتي موظف، ولكن حالياً انخفض عددهم ووصل إلى أقلّ من النصف. والرقم مهدّد بالانخفاض أيضاً بعد خطوة الصرف المنتظرة.
وفي التفاصيل، أنه بعد آخر قرار بالاستغناء عن الموظفين في شهر آب (أغسطس) الماضي، يُحكى اليوم عن موجة جديدة بدأت معالمها تلوح في الأفق. وبدأت «أوربت» قبل يومين تقريباً تبليغ الموظفين المصروفين بقرار الإدارة، وتوصّلت معهم إلى اتفاق حول دفع المستحقات. لكن المُستغرب أن المحطة السعودية التي تملك مكاتب في مختلف الدول، تفسخ عقود العمل مع موظفيها وتعود لتستدعيهم مجدداً للعمل معها بعقود حرّة أو ما يُعرف بالـ«فري لانس» كي تتهرّب من التزامات الضمان الاجتماعي. العملية راقت بعض العاملين على اعتبار أنها تحرّرهم من الالتزامات اليومية ودوام العمل، بينما كانت بمثابة مشكلة كبرى لفئة من الموظفين الذين عملوا في القناة لـ 15 عاماً ويستفيدون من الضمان العائلي. ومن ضمن القرارات الجديدة لـ«أوربت»، نقل مكاتبها الثلاثة في بيروت من مناطق الحدث (قضاء بعبدا)، حيث تبثّ البرامج المباشرة، والاستديو في منطقة المكلّس (محافظة جبل لبنان)، وكذلك المكتب في الحمرا، إلى منطقة الدورة. اتفقت على جمع المكاتب كلّها في مبنى واحد، لتخفيف الأعباء المادية وكلفة المباني الثلاثة الموزّعة في مختلف المناطق. وسيتمّ نقل المكاتب أواخر الشهر المقبل، ويتضمّن المبنى الجديد طبقات للتصوير والأرشيف والإعداد. اللافت أن قناة «أوربت» تصوّر في بيروت برنامجاً يومياً (15:00_18:00) واحداً وهو «عيون بيروت» (تقدمه ريتا حرب وليليان ناعسي وديانا رزق وتمار أفاكيان) الذي يُفترض أن ينقل الأحداث الفنية والاقتصادية (وغيرها) التي يشهدها نبض العاصمة اللبنانية. لكن بعد تقليص عدد الموظفين في الوسيلة الإعلامية، تراجع فريق إعداد المشروع التلفزيوني واختفت منه التقارير، وتحوّل إلى ساعات لتعبئة الهواء فقط. كما يرفض القائمون على القناة وضع ميزانية لـ«عيون بيروت»، بل طبّقوا المثل القائل «جود بالموجود». وفي الختام، يهمس بعضهم بأن «أوربت» تفكّر بفكّ عقود العمل مع جميع موظفيها اللبنانيين وجعل العقود حرّة. فهل تُقدم القناة على تلك الخطوة؟ هذا مع العلم بأن وضع المحطة في باقي الدول العربية مأسوي أيضاً، وتحديداً في مصر.