دمشق | تسمّر السوريون أمس أمام شاشات التلفزيون في انتظار الخطاب الأول للرئيس بشار الأسد، بعد اندلاع الأحداث الاحتجاجية في عدد من المحافظات السورية. وبغض النظر عن ردود الفعل المتفاوتة للشارع السوري إزاء الخطاب وأداء مجلس الشعب، كان لافتاً توجيه الأسد جزءاً لا بأس به من كلامه إلى وسائل الإعلام، فقال إن «حرباً إعلامية تخوضها بعض المحطات ضد سوريا»، وغيرها من الاتهامات عن تغذية بعض التلفزيونات للفتنة الداخلية «من خلال فبركات لا أساس لها من الصحة».
وطلب من الفضائيات تجهيز استديوهاتها للرد على خطابه، قائلاً «نعرف أنكم ستقولون لا يكفي، ونحن نقول لكم إنّنا لا نملك ما يكفي لتخريب هذا الوطن». ويبدو أن هذه الكلمات كانت كافية كي تبتعد بعض المحطات التلفزيونية عن مهاجمة الأسد أو انتقاد خطابه مباشرة وبطريقة لاذعة.
هكذا شاهدنا على «الجزيرة» الناشط هيثم مناع (راجع ص 40) يتحدّث عن الإحباط الذي أصيب به بعد الخطاب، معلناً أن الرئيس السوري بعيد عن الواقع تماماً. أما قناة «العربية» فحاولت تحوير كلام الأسد من خلال اتصال مع الناشط السياسي السوري ياسين الحاج صالح. هنا طلبت مذيعة القناة من صالح توجيه كلمة باسم المعارضة السورية لتكون بمثابة ردّ على خطاب الرئيس السوري، وهو ما رفضه الناشط السياسي، مفضّلاً الحديث عن رأيه الشخصي كمتابع ومهتم بالشأن الداخلي السوري. وكان لافتاً إصرار المذيعة على تجاهل الرسالة التي وجهها الأسد إلى الفضائيات، محاولة الإيحاء أن الكلام كان موجهاً إلى المعارضة السورية! وكانت «العربية» من المحطات الأولى التي نقلت خبر الاشتباكات التي وقعت في اللاذقية. من جهة أخرى، يمكن ملاحظة تنقّل بعض المعارضين، وخصوصاً من محللين وصحافيين وسياسيين، من قناة إلى أخرى طيلة بعد ظهر أمس، أي الفترة التي تلت خطاب الأسد. مثلاً ظهر اسم المعارض فايز سارة أكثر من مرة على محطات فضائية عدة في زمن قصير جداً. لكنّ قنوات أخرى فضّلت عدم الخوض عميقاً في الحدث السوري والاكتفاء بدقائق معدودة لتحليله، وهو ما حصل على «فرانس 24»، و«بي. بي. سي. عربي» البريطانية. وبالتزامن مع هذه التغطية الفضائية، ظلت المحطات السورية تسير على النهج نفسه الذي اعتمدته منذ اندلاع الأحداث الاحتجاجية في درعا. هنا سمّرت القنوات الرسمية كاميراتها أمام مجلس الشعب لتصوّر لقطات من تجمع الناس حول سيارة الرئيس هاتفين باسمه. كذلك عدّ تلفزيون «الدنيا» هذه الصور «ردّاً واضحاً لا لبس فيه على كل الفبركات التي حاكتها وسائل الإعلام». وقد أعدت هذه المحطة تقريراً هاجمت فيه غالبية التلفزيونات الإخبارية العربية، وأوضحت أن خبر عودة الهدوء إلى المدن السورية والتأييد الذي حظي به خطاب الرئيس السوري لم يحظيا إلا بمساحة صغيرة على هذه المحطات.