الدوحة| حالة من القلق تعيشها زوجتا المراسلَين لطفي المسعودي وأحمد فال ولد الدين المقيمتان في الدوحة. لا أنباء عن زوجيهما بعدما احتجزتهما كتائب القذافي مع زميليهما المصوّرين عمار الحمدان وكامل التلوع منذ أكثر من 15 يوماً على الحدود الغربية لليبيا. تعيش زوجة المسعودي على معلومات نقلها لها صحافي فرنسي أُطلق سراحه أخيراً وأخبرها بأنّه شاهد زوجها الذي ما زال بصحة جيدة.
وفيما اكتفت إدارة «الجزيرة» بالإشارة إلى أنّ هناك «جهوداً تبذلها أطراف إقليمية لإطلاق سراحهم»، تشير معلومات من داخل القناة إلى أنّ اتصالات جرت مع النظام الليبي لإطلاق سراح الصحافيين المحتجزين من دون أن تؤدي إلى جديد.
وكان المدير العام لـ«الجزيرة» وضّاح خنفر قد صرّح سابقاً بأنّ «شبكة «الجزيرة» لن تخضع لتهديدات نظام القذافي، ولن تنتظر منه الترخيص لإرسال صحافييها بهدف نقل الحقائق والوقوف مع الثوار»، علماً بأنّ هذه التصريحات جاءت ردّاً على نظام القذافي الذي هدّد بأنّ أي صحافي يدخل التراب الليبي من دون موافقة رسمية سيعدّ خارجاً على القانون، ويعامل معاملة المجرمين.
وتزامنت تلك التهديدات مع اختطاف صحافيي «الجزيرة» الأربعة فيما قالت مصادر من القناة إنّ المذيع التونسي لطفي المسعودي، والصحافي الموريتاني أحمد ولد فال الدين، طلبا بصفة شخصية التوجه إلى ليبيا لتغطية الأحداث بحكم معرفتهما بالأراضي الليبية، فيما اعتذر زملاء لهم في القاهرة وتونس عن عدم دخول الأراضي الليبية. ويعزو بعضهم هذا الرفض إلى يقين الإعلاميين بأنّ معمّر القذافي يختلف عن حسني مبارك، فالأول مستعدّ لفعل أي شيء لإسكات الصحافيين، كما فعل حين قصف مبنى الإذاعة السودانية عام 1984 بعدما أفقدته أعصابه، وما زال استشهاد رئيس قسم التصوير في «الجزيرة» علي حسن الجابر في ليبيا ذكرى ماثلة أمام أعينهم.
ولا يبدو أنّ مسلسل العداء بين القذافي و«الجزيرة» سينتهي قريباً، إذ أعلنت القناة القطرية أمس أنّها رصدت حديثاً بين مسؤول في «وكالة أسوشييتد برس» الأميركية ومسؤولين ليبيين يطلبون فيه حرمان «الجزيرة» من الاستفادة من الصور التي تبثها الوكالة لعمليات القصف على طرابلس. ونقل موقع «الجزيرة نت» أنّ حديث المسؤولين الليبيين تضمّن تهديداً بوقف بثّ تلك الوكالات إذا تمكّنت القناة القطرية من نقل الصورة من خلال الوكالة.
وقبل «الجزيرة»، أعلنت صحيفة «نيويورك تايمز» اختفاء أربعة من مراسليها في ليبيا بينهم مدير مكتب الصحيفة في بيروت أنطوني شديد، قبل أن يطلق سراحهم أمس. (راجع الكادر أدناه). وفي وقت سابق، أكّدت لجنة حماية الصحافيين الدولية اختفاء سبعة صحافيين في ليبيا، من بينهم مراسل صحيفة الـ«غارديان» البريطانية غيث عبد الأحد قبل أن يُفرج عنه لاحقاً.
وقبلها أيضاً، أفرجت السلطات الليبية ـــــ وفقاً للجنة الدولية لحماية الصحافيين ـــــ عن البرازيلي أندريه نيتو مراسل صحيفة «أو استادو دي ساو باولو» بعد اعتقاله ثمانية أيام في مدينة صبراتة غرب الزاوية. كذلك أفرجت عن ثلاثة صحافيين يعملون في «هيئة الإذاعة البريطانية» بعدما تعرضوا للتعذيب في الاعتقال، فيما لا يزال صحافيان من وكالة «الصحافة الفرنسية» ومصوّر من وكالة «غيتي» مفقودين منذ يوم الجمعة.
ولم يسلم الصحافيون الليبيون من الاعتقال، إذ أوردت مواقع إخبارية اعتقال رئيس تحرير مجلة «عراجين» إدريس المسماري بعد الحديث الذي أدلى به لقناتي «الجزيرة» و«العربية» ليلة خروج التظاهرة الأولى في بنغازي، قبل أن يطلق سراحه لاحقاً. ولا يزال رهن الاعتقال الصحافي عاطف الأطرش، والمدون محمد سحيم. كذلك تعرّض للضرب مراسل موقع «سويس انفوا» عبد الكريم سالم، ولم يعرف بعد ما إذا ألقي القبض على نقيبة الصحافيين في طرابلس سالمة الشعاب.
وسط كل هذا الإجرام، يلتزم المسؤولون الليبيون الصمت مواصلين حملاتهم ضدّ الإعلاميين العرب والأجانب. أما بيانات التنديد والإدانة التي تصدر عن المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الصحافيين، فلا يعير لها نظام القذافي أي اهتمام!