«ترى، ما هي المحطة الإعلامية التي توقفت عند أهدافنا وموقفنا من القوات الخليجية التي دخلت بلدنا من دون أن تركز بطريقة مغرضة على هويتنا المذهبية؟». قد يكون هذا السؤال الذي طرحه شاب بحريني على صفحته على «فايسبوك» ذات أهمية كبيرة مع تهرب الكثير من المنابر الإعلامية العربية من مناقشة أسباب دخول القوات الخليجية الى البحرين، ودورها في قمع المتظاهرين السلميين. بعد ساعات قليلة من الإعلان عن دخول قوات درع الجزيرة، انصبّ الاهتمام الإعلامي على اتفاقيات ومواثيق خليجيّة لإسباغ شرعيّة زائفة على هذا الغزو. هذه الذريعة تبدو أقرب إلى الفكاهة. في الوقت الذي تستهدف فيه الثورات العربية شرعية الأنظمة الاستبدادية، تروّج وسائل إعلام عربية لشرعية التدخل السعودي استناداً إلى اتفاقيات وقّعت عليها الأنظمة ذاتها
، وتستحضر إلى الذهن المثل العربي القائل «كمن يستعين على الرمضاء بالنار!».
إعلامياً أيضاً، تجاهلت القنوات الفضائية والصحف العربية علامات النصر التي رفعها جنود الاحتلال السعودي من على دباباتهم. علامات تتضمن مدلولاً طائفياً مقيتاً. وكان بمقدور الإعلام العربي أن يطرح أسئلة عديدة عن مغزى هذه الشارة، وربما استحقت مقداراً من السخرية ذات صلة بخفة دم الإعلام العربي في تناوله لتصريحات القذافي.
يتساءل الشاعر البحريني كريم رضي في هذا السياق: «ماذا يعني أن يرفع الجنود السعوديون علامة النصر وهم يضحكون من على مدرعات BTV؟ كنت أفترض أنّ قادة مجلس التعاون أخذوا قرار قمع الانتفاضة البحرينيّة كمن يتجرع السم. لكن، أن يضحك الجنود ويرفعوا علامة النصر، فهذا أمر غريب جداً. ترى، هل تكمن المشكلة في أنّ العقلية الطائفية تركت تأثيراً سلبياً كبيراً على المعايير المهنية الصحافية، إلى درجة أنّها سوّغت للكثير من وسائل الإعلام العربي أن تنتهج التضليل وتحريف الحقائق وتشويهها إلى حد مفضوح؟
على صعيد الإعلام الرسمي المحلي، فقدت الصحافة الرسمية في البحرين صدقيتها الى حد جعل نسبة من كوادرها الذين ينتمون إلى ثورة الشعب البحريني، ينشرون مقالاتهم وآراءهم في مواقعهم الشخصية أو مدوناتهم الإلكترونية أو صفحاتهم على «فايسبوك». أما التلفزيون البحريني، فقد بلغ مستويات من الكذب جعلته لا ينفع إلا لاستعماله كحواجز في الشوارع والأزقة، تقطع الطريق على البلطجية وقوات الأمن الذين هاجموا الأحياء السكنية بهمجية ووحشية. والمشاهد هذه غير متوافرة لمتابعي «الجزيرة» و«العربية». إن كنت راغباً بمتابعة الثورة البحرينية، فأهلاً بك في عالم الـ«يوتيوب».
(الشارقة)