اخترت أن يكون عنوان المقالة باللغة الألمانية، اللغة المحبّبة لعدد من آباء القومية العربية ومنظّريها، من ساطع الحصري إلى مطاع صفدي. واضح أنّ العرب لديهم مشكلة أو لنقل مسألة مشابهة جداً لتلك المسألة التي دوّخت الأوروبيين في النصف الأول من القرن العشرين، إلى أن تطوّع الزعيم النازي أدولف هتلر وحاول حلّها.
أقصد المسألة اليهودية: دي أيند لوسونغ دير يودن فراغه. كان اليهود يتآمرون على أوروبا، بل على البشرية جمعاء في كل العصور. ينقلون الشرور معهم مثلما تنقل الجرذان الطاعون، كما ظهر في الفيلم الوثائقي النازي الشهير «اليهودي الأبدي». اليهود يمارسون شيئاً يشبه ما نسميه نحن العرب والمسلمين «التقية». يظهرون عكس ما يبطنون. لذلك، لا يمكن أن يؤتمنوا أبداً. مهما أظهروا من الحب، فهم حاقدون. مهما تعلقوا بالوطن، فهم خونة. وكيف يمكن تصديقهم وهم من قتل المسيح في الماضي؟!
كان بين الأوروبيين مَن يعيش قلقاً دائماً: كيف نشعر بالطمأنينة وبيننا تعيش مجموعة من الخونة، المتآمرين، قتلة المسيح، اليهود؟ كل الحلول المقترحة لم تشعر الأوروبيين بالطمأنينة. حتى وعد بلفور القاضي بإقامة «وطن قومي» لليهود، خارج أوروبا، لم يكن كافياً. فمن يضمن أن هؤلاء اليهود لن يتآمروا علينا من وطنهم القومي الجديد؟ إنها مسألة تحتاج إلى حل جذري، نهائي، جريء وشجاع. وهو أمر يحتاج إلى قائد جريء وشجاع. هكذا وهب الله الأوروبيين «قائداً شجاعاً» اسمه أدولف هتلر! وقرر الزعيم وضع حدّ لهذا «الطابور الخامس»، حصان طروادة، الشرير، اليهودي الأبدي. الحل النهائي، فكرة بسيطة: نبحث عن اليهود في كل أوروبا: بيت بيت... زنقة زنقة... ونلتقطهم واحداً واحداً، ثم نحرقهم جماعات جماعات في أفران الغاز. وبعدها لن تكون هناك «مسألة يهودية». ونحن العرب؟ مشكلتنا مشابهة لمشكلة أوروبا في القرن الماضي. لدينا قوم يشبهون «يهود أوروبا». اسمهم الشيعة. يمارسون شيئاً اسمه «التقية»، يظهرون عكس ما يبطنون. لا تصدّقوهم أبداً. حتى لو استشهدوا في سبيل الأمّة، وحتى لو قاتلوا ضد أعدائها، فإنهم يفعلون ذلك «تقية». هؤلاء القوم الغريبون، اسمهم «الشيعة». هم عرب، كما يبدو من سحناتهم ولسانهم وألقابهم القبلية. لكنهم ـــــ لسبب غير واضح ـــــ يكرهون «العرب» (فهم ليسوا عرباً كما تعرفون بل «فرس»!)، ويتآمرون عليهم. ومن صفاتهم غير المفهومة أيضاً، أنهم يكرهون الأوطان التي ولدوا فيها هم وأسلافهم منذ قرون. شعب غريب حقاً!
انظروا مثلاً ماذا يفعلون الآن في البحرين: إنهم يتظاهرون سلمياً! لا تصدقوهم، هذه «تقية». هل رأيتم حين أرسلنا إليهم مجاميع من البلطجية المسلحين بالسكاكين والعصي وبنادق الصيد؟ لم يردوا علينا بعنف مضاد. لا تصدقوهم. هذه تقية. حين خطب خطباؤنا في مساجد أهل السنّة مهدّدين بالويل والثبور ضد «المؤامرة الشيعية الصفوية»، ومحذرين من «الأجندة الطائفية» للمتظاهرين، لم يردّوا هم سوى بشعار: وحدة وحدة وطنية. هل رأيتم كم هم طائفيون هؤلاء الشيعة. وكم يكرهون البحرين؟ حتى إنهم من فرط التقية والكراهية، حملوا أعلام البحرين أثناء التظاهرات.
إنهم بارعون في التقية إلى درجة أنهم خدعوا جميع السفراء الأميركيين الذين تعاقبوا على المنامة، وكذلك المبعوث الأميركي الذي أوفدته واشنطن لمتابعة الاحتجاجات. نحن نعرف أن هؤلاء الشيعة ليسوا سوى دمى تحركهم أصابع إيرانية. لكن كل الدبلوماسيين الأميركيين لم يتمكنوا من رؤية ذلك. إنهم يقولون إنّ إيران لا تمارس دوراً في الاحتجاجات الشيعية في البحرين! هل رأيتم كيف انطلت «التقية» على الأميركيين؟
نحن العرب، لن ننعم بالسلام ما دام هؤلاء الشيعة الطائفيون يعيشون بيننا. لا بد من حلّ نهائي. «أيند لوسونغ دير شيعة فراغه» Die Endlösung der Judenfrage. لا بد من زعيم شجاع وجريء من طينة هتلر. نعم كان لدينا زعيم جريء وشجاع، اسمه صدام حسين. رمى بنصف مليون شيعي على الحدود، ودفن نصف مليون آخرين في مقابر جماعية. لكننا نحن العرب غدرنا به، رغم أن الغدر ليس من عاداتنا، بل من عادات الشيعة! وفتحنا أبوابنا للغزاة الأميركيين ليسقطوا نظامه ثم يسلّموه إلى الشيعة، فيقتلوه في يوم عيد الأضحى! لكن سنكفـّر عن خطيئتنا بحق صدام حسين. سننتقم من الشيعة في البحرين. هؤلاء الذين يتظاهرون سلمياً. لقد نفد صبرنا معهم. بلطجيّتنا يضربون شبابهم ونساءهم وأطفالهم، يهجمون عليهم بالعصي في الجامعة والمستشفى. مرتزقتنا المسلحون يجوبون أحياءهم السكنية ويكسّرون محالهم التجارية. وهم يهتفون: وحدة وحدة وطنية. كم هم حاقدون هؤلاء! لقد نفد صبرنا.
هل رأيت تلك الصورة التي صاروا يتداولونها في منتدياتهم الحاقدة. صورة أحدهم بعدما أطلقنا عليه الغاز المسيل للدموع. كان مختنقاً وسقط على الأرض شبه مغشي عليه، لكنه ظل يحمل راية البحرين ولم يدعها تسقط. هل رأيت التقية؟ يا إلهي كم يكرهون البحرين. هذه طبيعتهم: يكرهون أي بلد يعيشون فيه. إنهم قوم غريبو الأطوار هؤلاء الشيعة. لقد نفد صبرنا. ليبدأ الحل النهائي! أيند لوسونغ. قوات «درع الجزيرة» ستلاحقهم بيت بيت... زنقة زنقة... المجد لهتلر العرب!
(هولندا/ العراق)