اطمأن الكاتب إبراهيم الصادق إلى أنّ نصّه الأخير «هي وهي» في أيد أمينة، فرحل بسلام من دون أن يتمكن من متابعة ولو مشهداً واحداً من عمله الدرامي الذي أطلقته «المستقبل» مساء أمس. وقد أوشكت المخرجة ليليان البستاني على الانتهاء من مونتاجه وميكساجه، وهو من بطولة عمّار شلق، وإلسا زغيب، ومارسيل مارينا، وفايق حميصي،
وطوني عيسى، وبيار جماجيان، وحسن حمدان وسواهم. تدور قصة العمل حول رجل وامرأة ثريّين، لديهما ابنة عمرها 13 سنة، تعاني مشاكل صحية وعقلية، مما يجعل رفاق المدرسة يسخرون منها. وفي يوم يُعتدى عليها بالضرب، ينقذها جلال (عمار شلق) فيكتشف والدها لاحقاً أنه ابن أحد النواطير الذين يحرسون أملاكه، فيتبنّاه ويقرر أن يواكبه في كل خطواته، ويساعده في شركاته، ويساعد ابنته نسرين في دراستها... لكن طمع جلال يزداد ومعه طموحاته، مما يؤدي إلى تصاعد الحبكة الدرامية وتشعّبها. وإن كان الصادق لن يشاهد حلقات مسلسله، فإن المخرجة ليليان البستاني حرصت على إرسال نسخ من الحلقات إليه. غير أن وضعه الصحي الصعب منذ أشهر، لم يُتح له مشاهدتها فاكتفى بالاطمئنان إلى سير العمل من خلال زوجته. هكذا، لم يجتمع مع الجهة المنتجة (رؤى للإنتاج) ولا مع المخرجة، كما كان يفعل غالباً منذ بداياته.
إذاً، عاد أمس إبراهيم الصادق إلى التلفزيون، بعد أيام على رحيله. وإن كان اسم هذا الرجل يبدو للوهلة الأولى مجهولاً لكثيرين، فإنّ الراحل لم يكن يوماً طارئاً على عالم الكتابة، بل انتقل من تأليف القصص القصيرة إلى السيناريو الدرامي. من الأردن، بلده الأم الذي كان ممنوعاً من دخوله نتيجة مواقفه السياسية، انتقل إلى لبنان، حيث حصل على الجنسية اللبنانية. ثم رحل إلى سوريا، فقصد «إذاعة دمشق» عام 1963، ليحتضنه دريد لحّام، وغسّان جبري، وجميل ولاية، وخلدون المالح، وينصحوه جميعاً بالكتابة للتلفزيون. أما حكايته مع المعتقلات، فطويلة. دخلها أول مرة حين كان في الـ 16 من عمره (1951)، واستمرّ داخل زنزانته الأردنية حتى عام 1957 إلى جانب عدد من الوزراء والنوّاب المعارضين. وحين فتحت في وجهه أبواب الحريّة، أطلق العنان لأفكاره وأدبه، وتواصل معه كامل قسطندي من إذاعة BBC لندن، فبدأت رحلة التعاون بينهما. ثم وصل إلى «تلفزيون لبنان» عام 1968. وقتها كتب ما يتجاوز 300 ساعة تلفزيونيّة، بدايتها كانت مع أنور البابا.
إلا أنّ اسمه لم يلمع لمعاناً حقيقيّاً إلا يوم طُلب منه استكمال نص «ابن الحرامي وبنت الشاويش» من بطولة إحسان صادق، وسميرة بارودي، وعبد المجيد مجذوب، بعدما رفض كاتبه أن يكمل العمل. ثم بدأ رحلة مختلفة مع ليلى رستم، أبرزها «محاكمات أدبيّة». وهو أيضاً صاحب نص «شارع الكسليك» الذي تبرّأ منه قبل سنوات من رحيله، بسبب تغيير العنوان الذي حولته إدارة التلفزيون من «قناديل البحر» إلى «شارع الكسليك»، وأجريت تعديلات طاولت أجزاءً من القصّة. وقد تبعت هذا النص مشاريع عدّة منها «أحلام» مع جوليا قصّار، ثم دراسة مشروع «هي وهي».

كل ثلاثاء 21:00 على «المستقبل»