فيما تشهد الجزائر حالة غليان بسبب تعنّت السلطة إزاء أيّ حراك مطلبي، قرّرت مجموعة من الفنانين المعروفين إدارة الظهر إلى مطالب الجماهير التي صنعت نجوميتهم، ونصرة النظام والتقرب من بلاط «فخامة رئيس الجمهورية». بعدما انخرط نجم أغنية الراي الشاب خالد أخيراً في مشروع تلميع صورة النّظام بالتصريح بأنّ «رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يعمل ويسهر من أجل الحدّ من المشاكل التي يعيشها المواطن. ولحسن الحظ يوجد بعض الرجال في السلطة ممّن يعملون لمصلحة هذه البلاد، وإلا لكان الوضع مختلفاً»، كشفت الفنانة الجزائرية فلّة عبابسة عن نيتها إصدار أغنية جديدة تمدح النظام القائم. والمعروف أنّ صاحبة «تشكرات» التي أعلنت حالة حداد جرّاء المجازر المرتكبة في ليبيا، تتمتّع بعلاقات جيدة مع المسؤولين السياسيين في الجزائر، وسبق لها أن قدّمت لهم العديد من الحفلات الخاصة، وهي تعدّ من أهمّ الوجوه المألوفة على الإذاعة والتلفزيون الرسميين في المناسبات الوطنية.
ليس غريباً أن ينخرط بعض الفنانين الجزائريين في خطّ السلطة ويدافعوا عن خياراتها. لكن المفاجأة التي أثارت حفيظة كثيرين، جاءت من مغنّي الراب لطفي دوبل كانون الذي يحظى بشعبية كبيرة بين الأوساط الشبابية، وهو الذي اشتهر بمواقف واعية في مواجهة الخطاب الرسمي. لكن ها هو صاحب «كاميكاز» يعرض على موقعه الإلكتروني مقطع فيديو يدعو فيه الشباب إلى توخّي الحذر وعدم المشاركة في مسيرات الاحتجاج بوصفها تستبطن أغراضاً خفيّة وتحرّكها أطراف أجنبيّة. أطروحة مستمدّة من تصريحات وزراء الحكومة الحالية، كلّفت Double Kanon وابلاً من الانتقادات بلغت حدّ نعته بـ«العميل».
من جهة ثانية، لم يرَ الشاب نجيم مغني الراي المقيم في فرنسا، حرجاً في إطلاق أغنية جديدة تحمل عنوان «خلّونا ترانكيل»، يدعو من خلالها إلى التخلّي عن حمى «الثورة» والرضوخ لخيارات السلطة، إذ يقول فيها: «كنا سنين في الظلمة/ حتى ربي جاب لنا رجال/ جابوا الوئام ورفعوا العلم/ اولاش/ خلونا ترانكيل». أغنية ستظل بمثابة نقطة سوداء في مسيرة المغنّي نفسه الذي نال شهرة بمباركة الشيخة ريميتي التي غنّت معه عام 2005 وتنبأت له بمسيرة مميزة في الراي.
في المقابل، تبقى الأسماء الفنية التي عبّرت صراحة عن مواقفها المناهضة للنظام القائم قليلة جداً، أمثال أمازيغ كاتب، والصافي بوتلة. وقد فضّلت غالبية الفنانين الصمت في المرحلة الحالية، تجنباً لارتكاب خطأ قد يكلّفهم غالياً ويبعدهم عن دائرة الاهتمامات الجماهيرية كما حدث مع فنانين من تونس ومصر في الأسابيع الماضية.