فيما كانت تقفَل مكاتب قناة «الجزيرة» في مصر بقرار رسمي، كانت القناتان الإسرائيليتان «الثانية» و«العاشرة» تتابعان بثّهما من الأراضي المصرية بطريقة طبيعية ومتواصلة، وبصورة نقيّة لا يعطّلها أيّ تشويش. وقف كارمل لوتشاتي (مراسل القناة «الثانية») ومؤاف فيردي (مراسل القناة «العاشرة») على شرفات مكاتبهما في القاهرة ونقلا حركة الشارع المصري عند كل تطوّر. «الشعب برهن عن كبت كبير وطويل وهو يعبّر عن مشاعره وعواطفه التي انفجرت فجأةً خلال هذه التظاهرات التي نشاهدها» قال مراسل القناة «العاشرة».
وقد عنونت المحطات الإسرائيلية الأحداث على شاشاتها بـ«مصيبة مصر»، في إشارة الى العبارة الواردة في التوراة عن المصائب السبع التي أنزلها الله على بني إسرائيل في مصر. وقد وصلت عبثيّة الموقف بالقناتين الإسرائيليتين إلى حدّ تغطية حدث إغلاق مكاتب «الجزيرة» مباشرةً، وأوردتا تفاصيل عن كيفية إخراج المراسلين من مكاتبهم... ثم نزل الصحافيان الإسرائيليان الى الشارع واستطلعا آراء المواطنين وأعدّا تقارير ميدانية للنشرة المسائية. هواء المحطات الإسرائيلية خُصص بمعظمه لأحداث مصر منذ أيام: نقل مباشر من أماكن التحركات، واستضافة محللين إسرائيليين سياسيين وعسكريين في الاستوديو. كما جرى تغيير الديكور ووضع صورة عملاقة لحسني مبارك على حائط الاستوديو الكبير في القناة «الثانية»... والمحللون الضيوف أجمعوا على نقاط وعناوين شبه موحدة، أهمّها «أننا نشهد ولادة شرق أوسط جديد»، وأنّ «الأميركيين تخلّوا عن أصدقائهم في المنطقة»، و«الخوف من أن تؤدي الانتخابات الجديدة إلى وصول الإسلاميين الى السلطة»، إلى جانب «تأثير انهيار النظام الأكثر استقراراً في المنطقة على أمن إسرائيل»...
كذلك ركّزت المحطات العبرية على بث تقارير تظهر التعاون الاقتصادي، والسياحي، والأمني بين مصر وإسرائيل، وتأثير انهيار نظام مبارك في تلك المرافق وفي الأسواق المالية.