كان طبيعياً أن يقوم التلفزيون المصري الرسمي بأداء بروباغندي أمس. رغم فتح هوائها لـ«تغطية» التحركات الشعبية، لم تفعل قناة «المصرية» الفضائية الرسمية فعلياً سوى تقديم منبرها لنقل وجهة نظر السلطة و... تكذيب ما يدور على أرض الواقع! نظرة إلى ما عرضته شاشة النظام أمس تقول الكثير عن الصورة التي تحاول السلطة ترويجها عن نفسها والبلد. شريط مصوّر أعيد بثّه على أنه «لقطات حيّة»، عرض مشاهد مكرّرة لبداية تجمّع المتظاهرين و zoom in عليها أوحت بأنها قليلة العدد ومبعثرة وغير منضبطة. تركيز على صورة مستوعب يحترق وعلى اعتداء المتظاهرين على عربات رجال الأمن فقط. هكذا كانت الصورة الرسمية. أما التعليق عليها، فكان باستخدام المذيعين مصطلحات خاصة: التظاهر هو شغب، واعتداء الشرطة على المواطنين هو ردّ الشرطة على مثيري الشغب من بعض التيّارات. «ألو، معانا شاهد عيان من المعادي... كيف تصف الحالة عندك؟» تسأل المذيعة، فيجيب الصوت: «ما فيش حاجة، الشوارع هادية. الوضع عادي والأولاد في النادي بخير»! اتصال آخر من مواطن في المهندسين كما تشير القناة، يفيد بأن «الحياة طبيعية. لأن الأحياء الراقية حيث الثقافة العالية جرت فيها تظاهرات سلمية لم تشهد أي أعمال شغب». وبعد «الشهود العيان»، حرصت القناة على الاتصال بمعظم المحافظين المصريين الذين نفوا جميعاً حصول أي إشكالات، مستخدمين العبارة نفسها: «ما فيش أي حاجة الحمد لله. بعض المواطنين تجمهروا ثم استجابوا لدعوات الشرطة وانسحبوا». محافظ أسوان أضاف إلى تطميناته حيّزاً خاصاً فقال «السياحة بألف خير عندنا والسيّاح بيتنزهوا في الشوارع طبيعي». وبعد المحافظين، كان لا بدّ من استطلاع رأي بعض «المحللين الاستراتيجيين» وهم من الضباط الحاليين والسابقين الذين رأوا أنه «عندما يعتدي المواطن على الشرطي حيعمل إيه؟؟ مش حيتفرّج عليه طبعاً»! لواء متقاعد اقترح بدوره أن «يتظاهر الشباب تظاهرات صامتة. أحسن. كنّا منعمل كده أيّام الإنكليز».
وللاطلاع على آخر «ما يقال عن قطع الخطوط الهاتفية ووسائل التواصل»، تستوضح المذيعة الأمر من أحدهم، فيجيب: «الاتصالات جيّدة وفي شويّة خلل في بعض المواقع الإلكترونية».
«المصرية» التي نقلت الوكالات العالميّة أنباء غير صحيحة عن محاولات اقتحامها، ذيّلت شاشتها طوال النهار بـ«أخبار عاجلة» كانت بمعظمها من «مصدر أمني» يقول: «لا داعي للانزعاج من الأخبار والتضخيم الإعلامي»، و«قوات الأمن تسيطر على الموقف». لكن يبقى سؤال يؤرق مشاهدي قناة النظام، فتسارع المذيعة إلى الاتصال بمراسل المطار الذي يطمئنها إلى أن «جناح رجال الأعمال في المطار هادئ وطبيعي، وزوجة نجيب ساويرس سافرت مع أولادها إلى الغردقة بسلام»!