بطل خارق (super hero) جديد دخل عالم الأطفال أخيراً. ليس «سوبرمان»، ولا «سبايدرمان» ولا حتى «باتمان». إنه... «كابتن إسرائيل». بشمعدانه الكبير ودرعه التي تحمل شعار نجمة داوود، يحارب هذا البطل «كل من يعادي السامية، أو الصهيونية»، كما يخبرنا في العدد الأول من المجلة التي تحمل عنوان «كابتن إسرائيل».إذاً، محمّلاً بكل العنصرية والذكورية والطائفية التي يختزنها الفكر الصهيوني، أطلّ علينا مطلع العام الحالي «البطل» الجديد، ليخبر «أطفال العالم القصة الحقيقية للتاريخ اليهودي». لا يبدو هذا الهدف مستغرباً، وخصوصاً إذا علمنا أن جمعية stand with us اليمينية المتطرفة، هي التي ابتكرت الشخصية، وتشرف على إصدار المجلة.

في العدد الأوّل، ننتقل من حدث تاريخي إلى آخر، أي من هجرة اليهود إلى أرض الميعاد، وصولاً إلى عام 2005، واستمرار الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين. طبعاً تتبنّى رواية الكابتن الجانب الإسرائيلي من القصة، فلا إشارة إلى الإبادة الجماعية التي مارستها عصابات الاحتلال في عام 1948 لإقامة دولتهم، ولا وجود لأي تلميح إلى المجازر التي ارتكبها الإسرائيليون منذ وصولهم إلى المنطقة حتى اليوم. الصورة الوحيدة الموجودة: أفعى سامة، تحاول القضاء على الإسرائيليين واليهود، ولكنها طبعاً لا تنجح، لأن «كابتن إسرائيل» دائماً بالمرصاد. أما الأفعى، وهي تمثّل الشعوب المناهضة للصهيونية، فتحمل اسم BDS. والمعروف أن الاسم الأخير هو اختصار لحركة «المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات» على إسرائيل، والتي تقف خلفها مجموعة من الناشطين من مختلف أنحاء العالم. إلا أن BDS تتحوّل في المجلة إلى «التعصّب، الانقسام، والافتراء (أو الكذب)».
ولا يقف تشويه التاريخ والحقائق عند هذا الحدّ، بل لا يتردّد البطل الخارق في إخبارنا أن الغرب كان يطلق على «الأرض المقدسة للمسلمين والمسيحيين واليهود اسم فلسطين، ولكنه لم يكن اسماً معتمداً من قبل العرب الذين اختاروه وبدأوا باستعماله في الستينيات مع تأسيس الحركة الوطنية الفسلطينية»! أمّا قمة التزوير التاريخي، فيصل إليها الكابتن عندما يؤكّد في قصته أنه منذ آلاف السنين حتى بدايات القرن العشرين، «لم يسكن شعب محدّد أرض فلسطين، بل شعوب عدة استوطنت الأرض وغادرتها. وحدهم اليهود كانوا العنصر الثابت هناك»!
تفاصيل هذه القصة بالإمكان متابعتها في العدد الثاني من المجلة الذي سيصدر الشهر المقبل. ولكن يبدو أنّ العدد الجديد لن يلاقي الإقبال المتوقّع، بعدما شنّت مجموعة من اليهود المعادين للصهيونية حملة ضدّ المجلة، مؤكدين أنها تشوّه التاريخ، «وتثبت أكثر فأكثر أن الصهيونية باتت خطراً داهماً على كل البشرية».