«باسم المجتمع العربي السوري، مبدع الأبجدية ومبتكر النوتة الموسيقية، وباسم المجتمع العربي السوري المقاوم... تبدأ فضائية «الإخبارية السورية» بثها من دمشق العروبة...». بهذه الكلمات، افتتحت الإعلامية السورية لونا الشبل قناة «الإخبارية السورية» السورية، التي بدأت بثها التجريبي على قمر «نايل سات» (التردد 11919) الشهر الماضي، على أمل أن تباشر بثها الكامل في منتصف حزيران (يونيو) المقبل باعتبارها أول منبر إعلامي سوري مرئي مختصّ بالأخبار المنوّعة على مدار 24 ساعة.
وبمجرد إطلاق المحطة الجديدة، صرّح المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون السورية معن حيدر بأنّ «الإخبارية السورية» ستكون مستقلة، وأنّ الهيئة ستعمل على مساندتها لكونها محطة شقيقة.
ورفعت «الإخبارية السورية» مجموعة من الشعارات من بينها أنّها ستعتمد المهنية والموضوعية والحرية والاستقلالية في تغطية الأخبار، وغيرها من الشعارات الأخرى التي يكتبها مدير القناة فؤاد شربجي، الذي اختارته القيادة السورية ليدير المحطة، علماً بأنّ شربجي حقّق نجاحاً لافتاً حين تسلّم إدارة تلفزيون «الدنيا» في بداياته، وخاصةً على المستوى الإخباري. وقد سبق له أن عمل مديراً لمكتب قناة «الجزيرة» في دمشق. هكذا، اختار شربجي أن يقدّم استقالته من «الدنيا» عندما عدّها حلماً تبخّر، وعاد برفقة فريقه الذي ساعده على إطلاق المحطة السورية الخاصة، ليباشروا إطلاق البث التجريبي لـ «الإخبارية السورية»، على أن يختار شربجي لاحقاً بقية أفراد الكادر.
إلى جانب شعار الاستقلالية الذي رفعته، بدأت «الإخبارية السورية» ببث مجموعة من الشعارات، على رأسها الحكمة القائلة «من شاور الناس شاركهم في عقولهم»، معتمدةً هذه الجملة كلازمة تبثّها قبل الآراء التي تعرضها لمختلف الفنانين والأدباء والإعلاميين، الذين استضافتهم للإدلاء بآرائهم عبر شاشاتها. وقد استغلت كاميرا «الإخبارية السورية» كل المهرجانات السورية لتلتقي ضيوفها من سوريين وعرب، وتستمع إلى آرائهم، لكنّ هذه الحكمة لم تمر بسلام، بل أثارت بعض اللغط، وعلامات استفهام حول توجه القناة، على اعتبار أن هذه الحكمة تعكس توجهاً سلفياً للمحطة الجديدة، لكونها تمثل الفكر الإسلامي بالاعتماد على المشورة التي أوصى بها القرآن والأحاديث النبوية، وفق ما رأت الآراء المنتقدة، لكن يمكن المراقب أن يكتشف أنّ القناة اختارت هذه الحكمة للدلالة على أسلوب عملها، الذي يرتكز على استقصاء مختلف الآراء للوصول إلى صيغة ترضي الجميع.
لكن من جانب آخر، تطلق القناة مجموعة أخرى من الشعارات التي تبدو كبيرة وفضفاضة على مقاس محطة سورية تنتمي إلى منظومة الإعلام السوري الرسمي، وخاصةً أن الإعلام الحكومي والخاص لم يستطع حتى الآن تجاوز خطوط الرقيب الحمراء. على سبيل المثال، تبث المحطة شعاراً يقول: «لا نبرر للحكومات أفعالها ولا نمجّد للأنظمة الحاكمة إنجازاتها»، إضافةً إلى مجموعة من الشعارات الأخرى كـ «عربية العقل والقلب والوجدان»، و«انتماء للأمة العربية» و«انطلاق نحو الإنسانية».. ثم تغرق في المبالغة والمباشرة عندما تخبرنا بأنها ستنقل «الأحداث كما حدثت والوقائع كما وقعت»! بل يعد أحد الشعارات المشاهد بأن تغطي المحطة جميع الأحداث السياسية وغيرها في الوطن العربي بالخبر من دون زيادة أو نقصان، على أن ترفد هذه الأخبار بآراء صادقة «من دون لف أو دوران» بحسب أحد شعاراتها أيضاً.
لكن ماذا عن تمويل هذه المحطة السورية الرسمية؟ تجيب مصادر من داخل المحطة «الأخبار» بأن القناة الوليدة ستتمتّع بميزانية مريحة تُخصَّص لها من عائد الضرائب السورية أُسوةً بكبرى المحطات الإخبارية العالمية. وتضيف هذه المصادر إنه رغم ارتباطها بوزارة الإعلام، فإن القناة ستثبت استقلاليتها، إذ إنّ كبار المسؤولين السوريين يرغبون في أن تحقق المحطة غايتها المرجوّة بحياديتها في تغطية الأخبار.
أخيراً، يخلص المشاهد إلى أن المحطة الإخبارية الجديدة باشرت بثها التجريبي معتمدةً أساساً على شعارات كبيرة من دون خطة عمل طويلة الأمد، أو كادر من المذيعين، أو نشرات إخبارية منتظمة، ومن دون هوية بصرية أو حتى لوغو يميز القناة، أو موسيقى خاصة ترافق التقارير الإخبارية البسيطة التي يعاد بثها بطريقة متكررة بالتزامن مع وضع الشعارات، هذا إضافةً إلى بثّ بعض الفواصل الأدبية المنوعة، كقصائد للشاعر الراحل محمود درويش من إحدى أمسياته في دمشق، كأنّّ هذا البث التجريبي أُطلق لتثبيت تردد المحطة والتهيّؤ لانطلاقة مبدئية تحتاج إلى مزيد من الوقت قد يزيد بكثير على الشهور الستة التي حددتها المحطة لبثها التجريبي.


التلفزيون السوري خاسر دوماً

بعدما تباهى التلفزيون السوري بالمركز الإخباري الجديد الذي شيدته وزارة الإعلام لمصلحة نشرات الأخبار في التلفزيون الحكومي، جاء القرار ليعيد نشرة التلفزيون السوري إلى استديو الأخبار داخل مبنى الإذاعة التلفزيون بعد ترميمه، على أن تكون استديوهات المركز كلها ملكاً للمحطة الإخبارية الجديدة. ويأتي ذلك القرار بالتزامن مع قرار طرد أكثر من ألف موظف من موظفي التلفزيون السوري للتخفيف من الفائض في عدد الموظفين البالغ 8000 موظف، وقد جاء قرار الطرد من دون سابق علم أو إنذار.