تونس ــ الانتفاضة الشعبيّة تتصاعد في مختلف المناطق التونسيّة، بعد تزايد حدّة القمع ومواجهة المتظاهرين بالرصاص... وفي الوقت نفسه، تحكم السلطات القمعيّة قبضتها على وسائل الإعلام. هكذا أعلنت إدارة تحرير صحيفة «الموقف» المعارِضة أخيراً أن السلطات التونسية عمدت إلى حجز العدد 574 (عدد يوم الجمعة الماضي) بحجة «حصول عطل فني في المطبعة». وجاء في بيان صادر عن الصحيفة أنه لُجئ «إلى الأسلوب نفسه لمنع طبع عدد سابق من الجريدة في أيلول (سبتمبر) الماضي قبل أن يسمح بتوزيعه في الأسواق، بعد إعلان مدير «الموقف» إضرابه عن الطعام». وذكر البيان أن العدد المحجوز تضمن «تغطية للتحركات الاحتجاجية التي تعمّ أرجاء البلاد، وعنواناً على الصفحة الأولى دعا فيه «الحزب الديموقراطي التقدمي» إلى حل وزارة الاتصال لإخفاق النظام الإعلامي في تغطية الأحداث الحالية... ولما يرمز إليه هذا النظام من خلط بين النشاط الحكومي والقطاع العمومي للإعلام...». ورأت إدارة «الموقف» «أن هذا الحجز يقدّم دليلاً إضافياً على أن تغيير وزير الاتصال، الأسبوع الماضي، لم يأت بأي جديد، وأن إيقاف عدد من نشطاء الإنترنت وتصاعد حجب عدد من المواقع الإلكترونية... يؤكدان التدهور الذي بلغه الوضع الإعلامي في تونس».وكانت صحيفتا «الموقف» و«الطريق الجديد» قد تعرّضتا للحجز، قبل أسبوعين، من قبل شركة التوزيع التي رفضت إرسال الأعداد إلى نقاط البيع! ويرى مراقبون أن رغبة السلطات التونسية في فرض حالة من التعتيم الإعلامي على الفورة الشعبية العفويّة الي تشهدها البلاد، على خلفيّة مطلبيّة واجتماعيّة، يدفعها إلى زيادة حدّة البطش ومحاصرة الإعلام الحرّ والنقدي، بكل الوسائل الممكنة.
وفي حديث إلى «الأخبار»، قال الصحافي التونسي في قناة «الجزيرة»، بسام بونني، إنه لا يمكن إخفاء الحقيقة اليوم: «المواطنون التونسيون تطوّعوا لنشر الأخبار والصور والتسجيلات، وأكدوا حرصهم على توخّي الحذر والتأكد من المعلومة قبل نشرها». وأضاف «لم ولن يفلح النظام في تغيير سياسته الإعلامية بسبب عدم إيمانه بأنّ الحريات صمام أمان ضد الانحرافات، وليست تهديداً لأمن البلاد». وتحول موقعا «فايسبوك» و«تويتر» إلى مصدر الأخبار الأول في تونس، وذكر شهود عيان أن الشرطة ضيّقت خلال الأيام الماضية على عدد من التونسيين الذين نزّلوا بعض مقاطع الفيديو التي تتضمن مواجهات بين قوات الشرطة والغاضبين. كذلك قرصنت هيئات الرقابة عدداً من الحسابات الشخصية للتونسيين، ما دفع الإدارة الأميركية إلى استدعاء السفير التونسي في واشنطن. وعبّر المتحدث باسم الخارجية الأميركية، بي جي كراولي، عن قلق الولايات المتحدة من التضييق على الإنترنت. أما الحكومة الفرنسيّة، فما زالت تتعاطى بحذر مع تعاطي نظام بن علي مع حركة الاحتجاج الشعبية التي تشهدها البلاد.