القاهرة ــ غالباً ما يتعامل الجمهور المصري مع أي عمل فني جديد بطريقَتين: إما الإعجاب والإشادة به، وإما السخرية من مضمونه ومن الجهة التي تقف خلفه. والمصير الثاني تحديداً كان من نصيب أوبريت «مصر مفتاح الحياة» الذي صوِّر في سرية تامّة، ولم يُعلن إلا بعد انتهاء المونتاج، تمهيداً لعرضه على القنوات الخاصة والحكومية.
مع بثّ «مصر مفتاح الحياة»، عادت إلى ذاكرة المصريين سلسلة من الأغاني الشبيهة التي أُطلقت في العالم العربي، وأبرزها «الحلم العربي» التي ألّفها مدحت العدل. وهذا الأخير هو أيضاً كاتب الأوبريت المصري الأخير التي شارك فيه 12 فناناً وفنانة من بينهم يسرا، وشريف منير، ومحمد هنيدي وآخرون.
لكن وجود هؤلاء النجوم لم يعف العمل من الانتقادات العنيفة، بسبب السرعة في تنفيذه، وتصويره الذي جرى داخل حرم «جامعة القاهرة» بدعم من وزارة الإعلام المصرية، إذ يدرك الجميع أن دخول هذه الجامعة أمر شبه مستحيل بالنسبة إلى صنّاع المسلسلات والأفلام، وبالتالي بدا واضحاً الدعم الحكومي الذي تناله هذه الأغنية. بمعنى آخر، لو كان منتج العمل جهةً خاصةً أرادت المشاركة في حملة التضامن مع ضحايا جريمة الإسكندرية، ما كان ليسمح لها بدخول الجامعة بهذه السرعة والسهولة.
أما من الناحية الفنية، فلم يحمل الأوبريت أي إضافة فنية مميزة على مستوى التصوير أو الغناء. لقد ركّز المخرج محمد بكير على استخدام الإضاءة والخلفية التاريخية لمدخل قاعة المؤتمرات في «جامعة القاهرة» فقط. أما مدحت العدل والملحن عمرو مصطفى، فأدركا استحالة ذهاب النجوم إلى الاستديو لتسجيل الأغنية بطريقة محترفة، فاستعانا بكورال لترديد الجملة اللحنية الوحيدة، وهي «لا وألف لا، لكل أعداء الحياة، مصر العظيمة المؤمنة، نيلها مفتاح الحياة».
من جهتهم، اكتفى النجوم بترداد كلمات شعرية لا تزيد على جملتين أو ثلاث لكل نجم، مع أداء مسرحي مبالغ فيه لمعظمهم، وخصوصاً محمد فؤاد الذي استخدم أسلوب الصوت العالي بطريقة مستفِزّة. وكان واضحاً أن بعض المشاركين، مثل الممثلة زينة، لا يملكون القدرة على إلقاء الجمل الشعرية أساساً. كذلك، لم يظهر شريف منير أثناء إلقائه جملته الأولى، ما يعني أنه كان يُفترض أن يظهر فنان آخر. لكن عند تغيّبه، أعطيت الجملة لمنير.
ومع انطلاق بثّ أوبريت «مصر مفتاح الحياة»، تذكّر بعضهم أغنية أخرى قدّمت أيضاً على شكل أوبريت وهي «القدس هترجع لنا» التي سجّلت بعد استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة، وقدّمها عدد كبير من الفنانين بقيادة الراحلة هدى سلطان.
وإذا كان أوبريت «القدس هترجع لنا» قد أثّر في قسم كبير من الجمهور العربي، فإنّ الوضع لا يبدو كذلك بالنسبة إلى الأوبريت الجديد أو غيره من الأغاني التي قدّمت في الفترة الأخيرة، إذ غالباً ما يردّد المشاركون فيها عبارات طنانة وإنشائية لا تحمل أي معنى حقيقي. كذلك فإنّها أعمال مكلفة مادياً حتى لو تنازل الفنانون عن أجورهم.
إن البث المتكرر لـ«مصر مفتاح الحياة» واللون الأسود الذي ميّز ملابس النجوم الذين شاركوا فيه، لم يمنعا الانتقادات الساخرة من الأوبريت الذي طُبخ على عجل، في إطار مواجهة الإعلام الحكومي لمذبحة «كنيسة القديسين» في الإسكندرية.