صنعاء ـــ أصدرت وزارة الداخلية اليمنية أخيراً قراراً يقضي بإقفال مقاهي الإنترنت عند منتصف الليل في صنعاء. ويأتي هذا القرار بالتزامن مع سلسلة أحداث شهدتها العاصمة اليمنية في الفترة الأخيرة، وأبرزها: تعرّض سيارة دبلوماسية تابعة للسفارة البريطانية لهجوم بصاروخ «آر. بي. جي»، ثمّ حادثة اعتداء مسلح على بريطاني يعتقد أنه موظف في سفارة بلاده كان يقود سيارته في شارع مزدحم جنوب العاصمة، ما أدى إلى إصابته بجروح متوسطة. وتزامن الهجومان مع مقتل موظف فرنسي الجنسية يعمل في إحدى الشركات النفطية في اليمن على يد موظف حراسة يمني.ولا يُخفى على أحد أن صدور هذا التعميم هو جزء من حالة طوارئ غير معلنة في صنعاء منذ توقف الحرب السادسة بين الجيش اليمني وجماعة الحوثي. وتبدو علامات الطوارئ هذه واضحة مع بداية ساعات المساء الأولى وتستمر حتى صباح اليوم التالي.
محمد (اسم مستعار) هو صاحب مقهى إنترنت، أكد أنه وزملاءه تكبدوا خسائر كبيرة بسبب هذا القرار. وقال إنه لا وجود لأي مبرر «لإغلاق محالّنا بعد منتصف الليل، وهي الفترة التي تشهد إقبالاً كبيراً من الزبائن... إنهم يستخدمون مثل هذا التعميم الأمني من أجل ابتزازنا» يقول. وفي الوقت الذي جرى فيه احتجاز عدد من أصحاب المقاهي وتوقيفهم في أقسام الشرطة، عادت السلطات لتفرج عنهم بعد دفعهم مبالغ مالية... وهو إجراء غير قانوني.
مصدر إعلامي مُطّلع في وزارة الداخلية، فضّل عدم ذكر اسمه، أكد أن هذا الإجراء فرضته الأوضاع الأمنية المتردية التي تمر بها البلاد، إذ “يستغلّ عناصر تابعون لشبكات إرهابية الخطوط المتاحة في المقاهي لتبادل مواد سمعية وبصرية قد تهدد الأمن العام”. ويضيف المصدر إن «الإرهابيين» يدركون جيداً استحالة رصدهم عند استخدامهم الخطوط العامة في مقاهي الإنترنت، لأن تحديد هويتهم يصبح غير ممكن بدقة، «كما أنهم يحرصون على اختيار التوقيت المناسب. بعد منتصف الليل، يخف الضغط على خطوط الإنترنت بسبب قلة عدد المستخدمين، ما يؤدي إلى سهولة تحميل المواد التي يريدون نقلها بهدف التخطيط لإلحاق الضرر بالأمن». وقد سبق هذا التعميم الأمني صدور قرار من وزارة الداخلية أيضاً يلزم أصحاب مقاهي الإنترنت بضرورة تسجيل أسماء المستخدمين وأرقام هوياتهم، قبل الاستفادة من الخدمة، لكن ظهر أن هذا الإجراء لم يكن عملياً نظراً إلى سهولة الحصول على هويات شخصية مزورة في اليمن.
هذا التعميم لم يلقَ قبولاً عند غالبية الفئة المستخدمة للإنترنت بعد منتصف الليل وهم من الطلاب الوافدين. حسام (اسم مستعار) طالب أجنبي قدم إلى اليمن لدراسة الطب قال «لا نجد غير هذا الوقت المتأخر كي نتواصل مع أهلنا نتيجة فرق التوقيت»، مشيراً إلى أن من يريد تبادل مواد «إرهابية تضرّ بالأمن اليمني لن يوفّر أي وسيلة للوصول إلى هدفه حتى لو أغلقوا المقاهي بعد منتصف الليل».
من جهته، أكّد المحامي والناشط الحقوقي اليمني عبد الرحمن برمان في تصريح صحافي أن هذا الإجراء غير قانوني بسبب عدم وجود أي قانون يمنع مزاولة أي مهنة ليلاً أو نهاراً. وقال إن هذا التدبير يعدّ جريمة ضدّ حرية الحصول على المعلومة.