الدوحة ــ لا شكّ في أنّ 2010 كان عام المعارك القضائية لقناة «الجزيرة». ولا شكّ أيضاً في أنّ العام الماضي شهد سلسلة أزمات لم تعرفها المحطة قبلاً مثل أزمة استقالة المذيعات، وإغلاق مكتبيها في المغرب، والكويت... رغم هذه المشاكل، تمضي الشبكة القطرية في استراتيجيتها التوسعية عبر افتتاح قنوات جديدة. في ظل المشهد الإعلامي العربي الذي يراوح مكانه، بدا واضحاً أن «الجزيرة» الإخبارية كانت تحتاج إلى نقلة نوعية لتطوير برامجها. هكذا ألغت برامج مثل «سري للغاية»، و«زيارة خاصة»، واستحدثت أخرى كـ«في العمق» (الإثنين 21:05) و«الملف» (الجمعة 21:05). مع ذلك، بقي «الاتجاه المعاكس» (الثلاثاء 21:05) في الصدارة لناحية نسب المشاهدة.من جهة أخرى، اهتزّ عرش الفضائية على وقع أزمة داخلية أدّت إلى استقالة أربع مذيعات، مما دفع خصوم القناة إلى اتهامها بقمع الحريات الشخصية. لكن ذلك لم يمنع الإدارة من التشبّث بموقفها، فقبلت استقالة المذيعات، ورفضت الاعتراف بما رأته المستقيلات تحرشاً لفظياً تعرضن له من نائب رئيس التحرير السابق أيمن جاب الله.
ولم تكد تمضي أيام حتى أعلنت إدارة المحطة إعادة هيكلة جديدة، أدّت إلى عملية تبادل للوظائف. ولم تقتصر إعادة الهيكلة على الإدارة فحسب، بل عيّنت مديرين جدداً لمكاتبها في القاهرة وباريس وعواصم أخرى، وأجرت عملية تبادل موقتة لمراسليها بين الدول.
نجاح إدارة الشبكة في طي أزمة المذيعات سريعاً لم يثنها عن «تصفية حساباتها» مع خصومها. هكذا رفعت دعوى على جريدة «الأهرام» المصرية. كذلك تعرّض أحمد منصور إلى عملية سرقة لأغراضه الشخصية في باريس، واتّهم الإعلامي المصري الاستخبارات التونسية بالوقوف وراء العملية في محاولة للسطو على حلقات حوارية أجراها مع المعارض أحمد بنور. وحتى الساعة، لم تعرض المقابلة بعد.
وبين المعارك القضائية ومضايقة إعلامييها، دخلت «الجزيرة» في حرب من نوع آخر مع الأردن. اتهمت الشبكة القطرية عمان بالتشويش على تغطيتها لمباريات كأس العالم في جنوب أفريقيا. وبعدما بلغت المفاوضات طريقاً مسدوداً، ينتظر الجميع الخطوات اللاحقة التي ستتخذها «الجزيرة» ضدّ مصدر التشويش.
ولم تكن «الجزيرة» بمنأى عن التنافس بين الجزائر والمغرب. حالما أقفلت السلطات المغربية مكتب القناة في الرباط، أعلنت «وكالة الأنباء الجزائرية» أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وعد بفتح مكتب للمحطة قبل مونديال 2022 في قطر. وفي وقت تخشى فيه المغرب أن يتحول هذا المكتب إذا افتُتح إلى أداة ضغط عليها في قضية الصحراء الغربية، يؤكد العارفون في خبايا النظام الجزائري أن عودة القناة المثيرة للجدل مستبعدة حالياً في ظل الانغلاق الذي تشهده الساحة الإعلامية الجزائرية!
ومقابل استمرار إغلاق مكاتبها في أكثر من عاصمة عربية، أعلنت إدارة القناة افتتاح «الجزيرة بلقان» مطلع 2011، لتليها لاحقاً محطة جديدة ناطقة بالتركية في اسطنبول، بينما تشير مصادر مطلعة إلى مشاريع أخرى لافتتاح قناة «الجزيرة الفرنسية» في بروكسل، وقناة إخبارية رياضية.
وقد شهد 2010 أحداثاً كثيرة، سخّرت لها القناة تغطيةً موسعةً مثل المواجهات مع الحوثيين و«القاعدة» في اليمن، والانتخابات المصرية... باختصار، يمكن القول إن «الجزيرة» استعادت بريقها في الربع الأخير من العام بعد حصولها على نسخ من وثائق «ويكيليكس» فاختتمت عامها الـ14 بوهج إعلامي جعلها تحافظ على عرش الفضاء العربي.