2012 كانت سنة التضييق على المدوّنين في الجزائر بامتياز. الفضاء الافتراضي صار مراقباً، والبلد تقهقر ﺇلى المراتب الأخيرة من حيث تدفّق الإنترنت. استبشر الإعلاميون الجزائريون خيراً بالعام المنتهي. فقد شهد ولادة ﺃولى القنوات التلفزيونية الخاصة («الشروق»، «النهار» و«الجزائرية»)، بعد خمسين سنة من احتكار التلفزيون الرسمي.
لكن التفاؤل سرعان ما تبدّد بسبب تباطؤ الحكومة في ﺇقرار القانون المنظم للقطاع السمعي البصري، ما يحتم على القنوات الناشئة العمل بشكل غير قانوني ويضعها في قبضة السلطة التي تواصل السيطرة على سوق الإعلانات، ومداخيل الصحافة المكتوبة. ورغم أنّ قانون الإعلام الجديد صار يعفي الصحافي من عقوبة السجن، فقد قضت محكمة عنابة بسجن الصّحافية فاطمة الزهراء عمارة (يومية «ﺁخر الساعة») بتهمة القذف رفعها عليها مدير سابق لأحد المستشفيات الرسمية، قبل ﺃن تقاضيها في جلسة الاستئناف بغرامة تقدر بنحو 200 يورو.
كذلك، رفضت محكمة سيدي امحمد (الجزائر العاصمة) ﺇعادة النظر في حكمها ﺇزاء المدوّن الشاب طارق معمري الذي ﺃدين بثمانية أشهر سجناً غير نافدة على خلفية نشر فيديو عبّر فيه عن عدم اقتناعه بأيٍّ من الاحزاب التي شاركت في الانتخابات النيابية الأخيرة. ولم يتوقف الأمر هنا؛ فقد تلقى المدون نفسه أخيراً أمراً بالمثول أمام القضاء، بينما لا تقلّ العقوبة التي سيتعرض لها عن سنتين من السجن. أخيراً، احتُجز المدون ياسين زايد ﺃسبوعاً بسبب نشاطه الكثيف على الإنترنت وفضح الفساد ومظاهر الظلم في البلاد، ولم يطلق سراحه إلا بعد حملة تضامن وتنديد دولية. حالة انقباض تعرفها الأوساط الإعلامية في الجزائر. من جهة، الحكومة لم تفِ بوعودها، وتواصل بسط يدها على القطاع، من جهة أخرى، لوحت بعض المنابر الإعلامية برفضها تقديم مزيد من التنازلات، ما سيعجّل حالة صدام قريب، وسيدفع الإعلام وحده طبعاً ضريبتها.