لا شك في أنّ المشهد الإعلامي الفلسطيني في 2012 لخّصه «الإعلام الجديد» (النيو ميديا)، وتعامل الصحافيين والنشطاء (ما يُسمى الصحافي المواطن) مع هذا الفضاء الذي أثبت أنّه منصّة قادرة على إيصال المعلومة الحقيقية حين يكون التعامل معها بمهنية، والتأثير على الرأي العام العالمي ووسائل الإعلام العربية والأجنبية.
هذه النظرية في أهمية الإعلام الجديد في فلسطين تأكدت أكثر خلال العدوان الأخير على غزة، حين صرّح الوزير الصهيوني يوفال شتينيتز عبر «هآرتس» بأنّ «إسرائيل تتعرض لهجوم غير مسبوق على الإنترنت». هذا الهجوم امتد ليحقّق انتصاراً إعلامياً فلسطينياً عبر إظهار الوحشية الإسرائيلية. جزء كبير من المعركة يُخاض في الإعلام الجديد بكافة أنواعه من الفايسبوك، إلى تويتر والتدوين، واليوتيوب. كانت بداية علاقة الغزيين مع النيو ميديا منذ العدوان عليها في 2008ــ2009، لأنها كانت الوسيلة الوحيدة لإيصال أصواتهم. منذ بداية الثورات العربية، وصلت دائرة استخدام الإعلام الجديد إلى كلّ الفلسطينيين. على مدار عامين، تشكلت شبكة ثقة بين النشطاء والصحافيين أثمرت حملات عبر تويتر والمدونات وفايسبوك تناولت قضايا فلسطينية، كحملة الإفراج عن الأسير خضر عدنان إبان «معركة الأمعاء الخاوية». إذاً، أصبحت وسائل الإعلام العربية والأجنبية تعتمد على نشطاء عبر التويتر في إعطاء إفادات أو نقل صورة أوضح من تلك التي ينقلها الإعلام الفلسطيني الرسمي.
لكنّ الصحافيين العاملين في الإعلام الرسمي والجديد لم يسلموا من انتهاكات الاحتلال والسلطة الفلسطينية في الضفة و«حماس» في غزة. سلسلة الانتهاكات بدأت حين اقتحم جيش الاحتلال مقرّي تلفزيوني «وطن» و«القدس التربوي» في رام الله، وصادر أجهزة البثّ والحاسوب والوثائق، ما أدى إلى توقف بثّهما، إضافة إلى اعتقال صحافيين ومنهم مراسلو وكالات عربية وأجنبية مختلفة، ممن كانوا يغطون مسيرات وتظاهرات سلمية. والمؤسف أنّ الاعتداء على الإعلاميين لم يكن وقفاً على سلطة الاحتلال،
ها هو رامي سمارة مراسل وكالة «وفا» يُعتقل من مكان عمله بسبب تعليق نقدي لسياسة السلطة الفلسطينية نشره عبر الفايسبوك. وفي غزة، حُقِّق مع مدير مجلة «مدارات» التابعة لوزارة الثقافة الكاتب والمدون يسري الغول بسبب نشره «خاطرة أدبية» مع ممارسة ضغط عليه لإزالتها عن مدونته.
وكان «المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية» (مدى) قد أصدر بياناً كشف فيه عن ارتفاع وتيرة اعتقال الصحافيين بسبب تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو مقالاتهم، كاعتقال الصحافي يوسف الشايب بسبب تقرير نشره في صحيفة «الغد» الأردنية.