التخبّط صفة لازمت المشهد الإعلامي اللبناني في 2012. رغم ولادة مؤسسات جديدة والحركة «الخجولة» التي عرفها المجالان النقابي والقانوني، إلا أنّ موجات الصرف راحت تتنقّل كالعدوى بين وسيلة وأخرى، فضلاً عن «السقطات» المهنية التي لا تغتفر! أرخت التعثرات الاقتصادية والانقسامات السياسية وتطوّرات المنطقة بظلالها على الواقع الإعلامي اللبناني. لكنّ الصرف الجماعي خيّم على المشهد، واحتلّت أزمة مصروفي LBC الواجهة. بعد فكّ الارتباط بين شركة «باك» التي يملك الوليد بن طلال نحو 90 في المئة وبيار الضاهر (يملك الباقي من الشركة)، صُرف نحو 397 موظفاً بعد تصفية الشركة، ونظّم هؤلاء العديد من الاحتجاجات للمطالبة بتعويضاتهم، وأفضت الحرب بين الضاهر والوليد إلى انفصال lbc الأرضية عن الفضائية وانفراط عقد الشراكة التي دامت منذ عام 2003. مجموعة AWI التي تضم جريدتي «البلد» و«الوسيط» ومجلة «ليالينا» وشركة «أنتيغرا» استغنت عن أكثر من 50 موظفاً، في الوقت الذي أدّى فيه اندماج محطتي «المستقبل» الزرقاء والحمراء إلى طرد عدد كبير من الموظفين.
الموجة خيّمت أيضاً على أروقة NBN بعد وفاة رجل الأعمال الكويتي ناصر الخرافي، قبل أن يصل الدور إلى MTV التي لم تفصح عن أرقام محددة تخص الصرف. واختُتم العام على وقع صرف «الجديد» للمراسل أنور ياسين وأكثر من أربعين موظفاً آخرين بدعوى إعادة الهيكلة. التخبّط الذي عاشه الإعلام اللبناني، تُرجم فوضى في الأداء بسبب الهوس بالإثارة والمنافسة. كرّست «الجديد» وLBCI «صرعة» أبو إبراهيم في تغطية قضية المخطوفين اللبنانيين في أعزاز السوريّة، إضافة إلى «الإنجاز» الكبير الذي حققته قناة تحسين خيّاط وتلفزيون المرّ حين صنّفا حفلة «الميتال» في منطقة ضهر الوحش (جبل لبنان) ضمن خانة «عبادة الشيطان». المهزلة لم تنته عند هذا الحد؛ لأنّ MTV كادت تنفجر جرّاء المنسوب العالي من الطائفية والعنصرية الذي برز في الكثير من برامجها.
الإعلام اللبناني شهد هذا العام أيضاً ولادة منابر جديدة كقناة «آسيا» التي رفعت شعارات «الجرأة والعمق والدقة ومحاربة الفساد»، إضافة إلى إطلاق الإعلامي غسّان بن جدو محطة «الميادين» الإخبارية التي رفعت شعار «الواقع كما هو» وخطفت الشعلة من الإعلام العربي في أوّل امتحان فعلي: عدوان «عمود السحاب». فيما أقفل تلفزيون «اليسارية» قبل انتهاء بثّه التجريبي! وسط هذا، فاجأ بيار الضاهر الجميع بإطلاق فضائية LCD نقلت معظم برامج «المؤسسة اللبنانية للإرسال». وبرزت تجارب عدة في إطار الصحافة الإلكترونية؛ إذ أطلق غسان جواد موقع Slab News وجُدِّد موقعا جريدة «النهار» وnow Lebanon الذي تحوّل إلى Now، في الوقت الذي يستعد فيه مدير تحرير «السفير» سابقاً ساطع نور الدين لإطلاق صحيفة «المدن» الإلكترونية بداية العام المقبل.
حرّكت 2012 الجسم النقابي الغارق في سباته منذ سنوات، فشهدت ولادة «نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع» وانضمام عدد كبير من الصحافيين إلى جدول نقابة المحررين، مع بروز بصيص أمل في ما يخص قانون الإعلام الإلكتروني وتجديد الامتيازات المعطاة لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة. وبينما واصل «تلفزيون لبنان» التكيّف مع التجاذبات السياسية في أروقته، ودّع أحد روّاده جان كلود بولس عن عمر ناهز 78 عاماً، وغيّب الموت أيضاً عميد الصحافة اللبنانية غسان تويني الذي تخطت سنواته الـ 86. شهيد جديد أضيف إلى قائمة الصحافة اللبنانية هو مدير مكتب «نيويورك تايمز» في بيروت أنطوني شديد (43 عاماً) عندما خانته رئتاه على الحدود السورية ــ التركية.