اكتسحت نشرات الأخبار المشهد بعدما تفوّقت أحداث «الربيع العربي» بدمويتها على قصص أفلام الأكشن، وتلطخت بدماء الأبرياء. استحوذت المحطات الإخبارية على المُشاهد، رغم ما تمارسه من تعتيم وتضليل، وخصوصاً في الشأن السوري. وقد بدأ مسلسل الفضائح مع المدير العام السابق لقناة «الجزيرة» وضاح خنفر ليصل إلى جسم المحطة كلّه عندما اخترق الجيش السوري الإلكتروني مراسلات المذيعة السورية رولا ابراهيم مع زميلها السابق علي هاشم.
فضحت المراسلات ما يحصل في أروقة القناة التي صارت أشبه بغرفة عمليات تمارس الفبركة والتضليل في الشأن السوري. ثم نُشرت رسالة من مراسل المحطة القطرية في اليابان فادي سلامة يهاجم فيها خط المؤسسة، وهطلت سلسلة الاستقالات لمجموعة مراسلين في «الجزيرة»، ولم تقف الأمور عند هذا الحد. وسرعان ما سقطت ورقة التوت عن «الجزيرة مباشر مصر» التي كانت تناصر الثورة ضد حسني مبارك، وتحولت إلى بوق يروّج للإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي حتى حرق مكتبها في ميدان التحرير، ثم توقف بثها من مصر.
من جهتها، سخّرت قناة «العربية» نفسها لخدمة النظام السعودي والاستماتة للدفاع عنه عندما منع الحجاج السوريين من أداء فريضة الحج. وواجهت «العربية» الإعلام السوري الذي هاجم نظام آل سعود وحمّله مسؤولية ذلك. في حين أنجزت تحقيقاً غريباً من نوعه عن حالات الاغتصاب التي ينفذها الجيش السوري النظامي والشبيحة من دون أي صورة أو وثيقة أو لقاء حقيقي مع الضحايا، وأتبعته بفتوى تحريضية للشيخ علي المالكي تبيح إجهاض «ابن الحرام» في حال حدوث الحمل. وواصلت «العربية» بث أخبار مغلوطة عن سوريا، منها قصف أماكن لم يطلها القصف والمبالغة في أرقام الإصابات وتحميل مسؤولية أي إصابة في سوريا للجيش النظامي، إضافة إلى تقاطعها مع «الجزيرة»، وفرضهما ما يشبه الفيتو على مجموعة من المعارضين السوريين المعتدلين مثل هيثم مناع وفاتح جاموس لينقضي العام ومكاتب المحطتين مغلقة في دمشق. ورغم الخط المعتدل الذي تنتهجه قنوات BBC، إلا أنّ المحطة الرئيسية وقعت في خطأ فادح عندما نشرت صورة من العراق على أنّها لجثث مجزرة الحولة في حمص، في حين اتهم بعض الناشطين قناة «BBC عربي» بأنها عقدت صفقة مع النظام السوري بعد إطلاق سراح مراسلَين لها كانا قد احتجزا أخيراً في سوريا، مقابل أن تغيّر المحطة البريطانية من خطابها، وهو ما حصل فعلاً برأي هؤلاء الناشطين. حتى إنّ «BBC عربي» قدمت برنامجاً عن الإعلام السوري الرسمي، وخصوصاً عن محطة الإخبارية التي شبّهتها بنفسها على اعتبار أنّهما ممولتان من الحكومة، لكنهما تعملان باستقلالية مطلقة!
من جانب آخر، شهدت السنة ولادة محطات عربية عدة، منها قنوات سورية جديدة للمراوغة ضد قرار حجب المحطات السورية عن القمرين «عرب سات» و«نايل سات»، وولادة قناة «سكاي نيوز عربية»، و«الميادين» التي استقطبت نخبة من الإعلاميين العرب وحاولت الترويج لخطاب معتدل في ما يخص الربيع العربي. من جهة أخرى، شهد العام حفلة اختراقات ومفاجآت في العالم الافتراضي، أبرزها اختراق البريد الإلكتروني الخاص للرئيس بشار الأسد ونشر بعض رسائله ونشر موقع «ويكيليكس» مجموعة كبيرة من الرسائل الإلكترونية التي تبادلها المسؤولون السوريون. على مستوى التجاوزات الحاصلة بحق الإعلاميين، فقد خطف الصحافي فداء عيتاني الأضواء لدى اختطافه من الجيش الحرّ، رغم مناصرته للثورة السورية. كل ذلك سار في خطى متوازية مع تراجع معظم الدول العربية في ترتيب حرية الصحافة، على رأسها لبنان بحسب المنظمات الإعلامية ومنها «مراسلون بلا حدود».