عرف المشهد الثقافي في اليمن حراكاً في 2012 بعد خروجه من عام عصيب شلّ الحياة في البلد ووضعه في موت سريري، حيث لا صوت يعلو فوق أصوات المتصارعين على غنيمة ما بعد ثورة الشباب اليمني ضد نظام علي عبد الله صالح. لكن بعد كل ذلك، يبدو أنّ القوة الرابحة تمثلت في القوى السلفية التي أمسكت بزمام الأمور. يحضر «معرض صنعاء للكتاب» كمثال. هذا الحدث الذي كان نافذة المثقفين لاقتناء ما يشتهون من إصدارات، ظهر هذا العام بطريقة اتسمت بالغرابة.
هيمنت القوى السلفية عليه أكثر من الأعوام الماضية. ومكمن الغرابة أنّ وزارة الثقافة الحالية صارت في قبضة رفيق يساري قديم هو عبد الله عوبل، وكذلك «الهيئة العامة للكتاب» التي تدير معرض الكتاب. عندما سألناه عن سر انتشار الكتاب السلفي في المعرض، قال لنا بصراحة: «النظام القديم لا يزال يحكم». انتقاد وزارة الثقافة بسبب تواطئها مع ما يحصل، لم يتوقّف مع تعيين أول نائبة امرأة لوزارة الثقافة هي الشاعرة هدى إبلان. الحضور السلفي الطاغي لم يمنع ظهور مبادرات فردية استطاعت إيجاد فسحة خارجية/ عربية لها لنشر نتاجها. كانت بيروت أهم محطة للأدباء اليمنيين من أجل نشر نتاجهم. ظهرت رواية الشاعر علي المقري (حرمة) عن «دار الساقي»، التي أصدرت أيضاً الرواية الثانية لنبيلة الزبير (زوج حذاء لعائشة)، بينما نشرت «الآداب» عملاً جديداً لحبيب عبد الرب سروري (تقرير الهدهد). أمّا في التشكيل، فقد كان الأمر مختلفاً. شهد 2012 مبادرات فردية تصدّرها التشكيلي مراد سبيع الذي أطلق حملة «لوّن جدار شارعك» هدفت إلى رسم جداريات خصوصاً في المناطق التي كانت واقعة تحت خط النار. وهناك حملة ثانية حملت عنوان «الجدران تتذكر وجوههم» تعنى بالشخصيات التي تم إخفاؤها قسراً طوال السنوات الثلاثين الماضية بسبب نشاطها المعارض. اعتمدت الحملة على الغرافيتي ورسم وجوه المخفيين على جدران صنعاء. وقد واجهت معارضة من القوى الأمنية التي لا ترغب في إعادة فتح هذه الملفات كون الكثير من الشخصيات التي شاركت في عمليات الإخفاء لا تزال على قيد الحياة.