في ظل التراجع الملحوظ في مستوى الصحافة التقليدية عالمياً مقابل التطوّر الكبير في شبكة الإنترنت، دخلت الوسائل الإعلامية اللبنانية مرحلة جديدة في الصحافة الإلكترونية من خلال استحداث مواقع تساعدها في المنافسة وبلوغ شريحة أوسع من الجمهور. وفيما تشهد الساحة المحلية «طفرة» في المواقع الإلكترونية الإخبارية، وجدت المؤسسات «المرموقة» نفسها مضطرة إلى التحرّك ومحاولة محاكاة المعايير العالمية، فكان مولودان جديدان لكل من صحيفة «النهار» وموقع Now Lebanon.
رغم الخصوصية التي يتمتع بها العالم العربي وتحديداً لبنان لجهة وجود جيل كامل لا يزال يستمتع بـ «فلفشة» أوراق الجريدة، حرصت الجريدة الثمانينية منذ سنوات على تحديث موقعها الإلكتروني، قبل أن تبدأ قبل أربعة أشهر التحضير لـ«النقلة النوعية». وفي ظل انتشار المواقع الإخبارية «التي تأخذ موادنا وتنشرها كما هي»، كان قرار الإدارة واضحاً: الانتقال إلى التغطية الإخبارية المباشرة على مدار الساعة، وفق ما أكد لـ«الأخبار» مدير تكنولوجيا المعلومات في «النهار» وديع تويني.
المشروع الجديد الذي انطلق تزامناً مع الذكرى السابعة لاغتيال جبران تويني (15 سبتمبر 1957 ـــ 12 ديسمبر 2005) لا يهدف إلى خلق تكامل بين النسختين الورقية والإلكترونية «لأنّه موجود أصلاً»، يقول تويني مشدّداً على أنّ الفرق هو مواكبة كل الأخبار «لحظة بلحظة، ووضعها في تصرّف القارئ، قبل أن يتم معالجتها عن كثب في عدد اليوم التالي».
وأوضح تويني أنّ الصحيفة العريقة لا تخاف الوقوع في فخ السرعة لأن «الدقّة شغلتنا». كما أنّ الموقع يستند إلى «عقود من الصدقية، وتاريخ طويل من العمل الصحافي». واللافت هنا أنّ قسم التحرير الورقي صار يعمل أيضاً في النسخة الإلكترونية، ربما عصراً للنفقات في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعانيه معظم المؤسسات الإعلامية في لبنان.
وفيما يبدي تويني تفاؤلاً بالخطوة الجديدة، خصوصاً بالتزامن مع المنافسة بين الصحف المحلية، يقرّ بأن هناك بعض العقبات التي تعترضها، أبرزها الكلفة العالية وعدم جهوزية البنية التحتية اللبنانية لتقديم خدمة إنترنت سريعة للمتصفح، مضيفاً أن «من المبكر الحديث عن زيادة جدّية في العائدات». العوائق نفسها تواجه الموقع الجديد لـ Now Lebanon الذي بات يعرف اليوم باسم Now، إلا أنّ الهدف من التغيير يكمن في «التماهي مع العصر ومنافسة المواقع الإخبارية العالمية»، وفق ما قال ميشال فرحة المدير التنفيذي للموقع الذي انطلق قبل أيّام. واعتبر فرحة أن «الربيع العربي» والاعتماد على الـ «نيوميديا» الذي رافقه فرض هذا التغيير.
وفي الوقت الذي أيّد فيه فرحة كلام تويني في ما يخص العائدات والكلفة العالية، أشار إلى أن تعديلاً أساسياً طرأ على طبيعة الموقع الذي أصبح تابعاً لشركة إنتاج، مشدداً على أنه «مستقل سياسياً، رغم تلاقيه مع بعض الأطراف السياسية في قضايا محددة»، نافياً وجود منافسين لأن «أغلب المواقع الإخبارية حزبية أو موّجهة، ومعاييرنا وطريقة عملنا مختلفة». من المبكر تقييم مدى نجاح هاتين الخطوتين، إلا أن الأكيد أنّ هناك نقاطاً إيجابية تسجّل لصالح كل منهما لناحية الاعتماد على الوسائط المتعددة في تقديم المواد والربط المباشر بمواقع التواصل الاجتماعي. وفيما يحسب لـ«النهار» التخفيف من «زحمة» المواد والصور والإعلانات، يلاحظ اعتماد Now شكلاً وأسلوباً مختلفين كليّاً، يؤمنان للقارئ راحة أثناء التصفّح مع أنّ البعض لم يعجبه اللون الأسود الذي يطغى على الموقع، من دون أن يلاحظ إمكان تحويل الخلفية إلى بيضاء.