القاهرة | بعد أقلّ من أسبوعين على إعلان رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس تخلّصه من عبء قنوات «أون. تي. في» وبيعها للملياردير التونسي الفرنسي طارق بن عمار (الأخبار 7/12/2012)، ها هو محمد الأمين مالك مجموعة قنوات «سي. بي. سي» وجريدة «الوطن»، يلوّح بإمكان تصفية أعماله داخل مصر وفق تصريحات أدلى بها الإعلامي خيري رمضان أمس ليومية «الصباح». بذلك، يؤكّد نظام الرئيس محمد مرسي أنّه سيكون أكثر عنفاً في التعاطي مع أصحاب الفضائيات مما كان عليه نظام مبارك. الأخير لم يكن يحتاج إلى إسكات الفضائيات الخاصة التي كانت تنفّس عن غضب الشارع المحتقن.
لكن بعدما اعتاد المصريون النزول إلى الشارع للتعبير عن احتجاجهم، باتت الفضائيات التي تنقل تلك الصور عبئاً على أي نظام، حتى لو كان نظام الإخوان المسلمين الذي ذاق لسنوات طعم القهر وتقييد الحريات.
محمد الأمين الذي اتهم فور إطلاق قنوات «سي. بي. سي» بأنّه مدعوم من فلول نظام مبارك المقيمة خارج مصر، وخصوصاً لندن، وأنّه واجهة لحيتان الاقتصاد المصري من أصدقاء جمال مبارك نجل المخلوع، تعرّض أخيراً لضغوط بلغت حد التهديد بفتح ملفات فساد يقال إنّ الأمين متورط فيها. بداية الضغوط كانت عندما منعت إدارة «سي. بي. سي» الزعيم السياسي حمدين صباحي من الظهور مع الإعلامي خيري رمضان مساء الخميس قبل الماضي حتى لا يعلّق على الخطاب الذي وجّهه محمد مرسي للمصريين في محاولة فاشلة لنزع فتيل الأزمة، ليعلن خيري رمضان استقالته على الهواء. بعدها، اتضح أنّ أجهزة سيادية استدعت الأمين وطلبت منه عدم توسيع تغطية الاعتصامات المعارضة للرئيس. عندها، تعرّضت خريطة القناة لارتباك حاد بسبب إجبار المعدّين على حذف مجموعة كبيرة من المحللين من قائمة الضيوف المحتملين للبرامج المباشرة والتوسع في تغطية تظاهرات مؤيدة لمرسي على حساب الاحتجاجات المعارضة، حتى لو كانت الأخيرة صاحبة الصخب الحقيقي في الشارع. بات واضحاً أنّ النظام قرّر التعامل مع كل قناة بحسب الثُّغَر المتاحة. لقد استغل انتماء محمد الأمين ومعظم إعلاميي «سي. بي. سي» إلى نظام مبارك وهدّدهم بسلاح الفلول الذي يلقى قبولاً في الشارع المصري المحتقن ضد كل ما يرتبط بالنظام البائد. بالتالي، إذا بثت القناة ما يدين نظام مرسي، فإنها تفعل ذلك خدمةً لمبارك لا الحقيقة. أما قناة «النهار»، فتعاني ملاحقات قضائية، وخصوصاً الإعلامي محمود سعد المتّهم بسبّ الرئيس في برنامج «آخر النهار». بينما لا تزال قناة «الحياة» بعيدة عن سطوة نظام مرسي رغم الموقف المعارض الذي التزمه مالكها ورئيس «حزب الوفد» السيد البدوي شحاتة.
ويخشى الوسط الإعلامي المصري من استخدام النظام لثُغَر قانون إطلاق القنوات الفضائية في حال فشل الضغوط السياسية والاقتصادية على أصحاب هذه الفضائيات كما حدث أخيراً مع «دريم» التي لا يزال موقفها معلقاً، رغم استئناف بث المحطة مؤقتاً (الأخبار 17/11/2012). وجاء اعتصام أتباع الداعية الإسلامي حازم صلاح أبو إسماعيل أمام مدينة الإنتاج الإعلامي (الأخبار 12/12/2012) ليؤكّد أنّ النظام لن يعدم وسيلة لاستهداف الإعلاميين المعارضين. بذلك، باتت القنوات بحاجة إلى انتصار الشارع كما حدث في «ثورة يناير» حتى لا تتعرّض لمصيرين أحلاهما مرّ، هما: الإقفال أو الانبطاح التام لنظام محمد مرسي!