دمشق | بعد وقت قليل من اشتعال الأزمة، اعتاد سكان دمشق أن يمضوا جزءاً من لياليهم على ضوء الشموع اثر فسخ اتفاقيات تبادل الكهرباء مع بعض دول الجوار، ما أجبر الحكومة على اتباع سياسة التقنين لساعات طويلة كل يوم. وفي ظل هذه الحياة المعلّقة منذ أكثر من عام ونصف العام، يجاهد سكان المناطق التي ما زالت آمنة لتدبير أمورهم وشؤونهم اليومية، ومساعدة الأعداد الهائلة من اللاجئين ممن نزحوا من المحافظات المتوترة جداً كحلب وإدلب وحمص.
لكن يبدو أنّ كل منافذ الحياة تغلق في وجههم رويداً رويداً، فالأزمة المعيشية تجتاح الشام على مختلف الأصعدة، بدءاً من محطات الوقود التي نفذ مخزونها، مروراً بكل مفاصل الحياة التي تعتمد على الوقود أصلاً، سواء في المخابز أو محطات الكهرباء، أو وسائل النقل العامة. كل ذلك توقف نسبياً وسارت الحالة بسرعة مذهلة نحو فوضى عارمة طغت على العاصمة السورية، خصوصاً على وسائل النقل التي توقفت غالبيتها عن العمل بسبب عدم القدرة على تأمين المازوت. وعلى الأثر، خلت المدينة من سيارات الأجرة الصفراء التي نفّذ أصحابها شبه اضراب مفتوح اعتراضاً على ارتفاع أسعار البنزين أخيراً في مقابل عدم تعديل تعرفة الركوب، على الرغم من موجة الغلاء الحادة. وكانت مجموعة من المواقع الإلكترونية السورية قد تناقلت خبراً مفاده صدور قرار عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يقضي برفع سعر ليتر البنزين خمس ليرات ليصبح بذلك 55 ليرة (أقل من دولار أميركي)، وإشارة معاون وزير التجارة الداخلية عماد الأصيل إلى أن القرار جاء بناء على توجيه من رئاسة مجلس الوزراء، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا».
إذاً، بالتوازي مع الوضع الإنساني الكارثي الذي يخيّم على دمشق، تسير أقدم عاصمة في العالم نحو تصدّع معيشي حاد، قد يكون تمهيداً لانهيار أشد وطأة وأكثر خطورة، لكن يبقى السوريون محكومون بالأمل وفق ما يؤكدون في تعليقاتهم اليومية على صفحاتهم الافتراضية.