مساء اليوم، تفتتح الدورة 19 من «مهرجان السينما الأوروبية» وفي جعبتها الكثير من الأفلام التي ترسم تحولات عالم بعدسات أوروبية. منذ 19 دورة، رفع لبنان الحواجز الثقافية بينه وبين الشعوب الأوروبية. تنكّر للفروق السينمائية. تحرّر من عبء اللغة والحدود، وأصبحت صالاته مشرّعة لكل عمل إبداعي إلى أي ثقافة انتمى. لعل هذا القدر الذي اختاره السينمائيون لعالمهم، فيما تتخبّط العوالم اللبنانية الأخرى بأزماتها.في «سينما أمبير صوفيل»، سنشاهد 36 فيلماً يحملها «مهرجان السينما الأوروبية»، بالإضافة الى فيلمين ضيفين، ونحو 20 فيلماً لبنانياً قصيراً.

«جريمة صغيرة» يفتتح المهرجان مساء اليوم (7:30 ـــ 1/12). يستعرض شريط كريستوس جيورجيو قصة شرطي يتم تعيينه في إحدى الجزر الهادئة على ضفاف بحر إيجه، فيحلم بإنجاز بطولات في تفكيك لغز الجرائم ويقع في غرام امرأة. نجح السينمائي القبرصي في تقديم فيلم كوميدي اجتماعي، وخصوصاً لجهة تباين نظرة شخوصه إلى الواقع. بالإضافة الى فيلم الافتتاح، يستضيف المهرجان شريطين: الأول هو «مونتيفيديو، نكهة حلم» للمخرج الصربي دراغان بييلوغريتش (س:10:00 مساء اليوم). ويعيدنا الشريط الى نوستالجيا عاشها لاعبو كرة قدم مغمورون في بلغراد حالمين بالمشاركة في الدورة الأولى من بطولة كأس العالم التي أقيمت في الأوروغواي، فينقل شغفهم وحماستهم وتمسكهم الأسطوري بحلم كان يبدو مستحيلاً. أما الفيلم الثاني فهو «الأطفال من فوق» للمخرجة السويسرية أورسولا ماير (2 و5/12) ويتحدث عن سيمون «روبن هود» الثلج الذي يسرق معدات التزلج من الأغنياء ويبيعها ليتمكن من توفير المال لمساعدة شقيقته التي تعيله في تجسيد جميل لصراع القيم وتضارب مفهومي الخير والشر، ولو من وجهة نظر طفل.
ومن الأفلام المميزة هذا العام «حصة الملائكة» للبريطاني اليساري كين لوتش (4 و8/12). الفيلم الذي حاز جائزة التحكيم في النسخة الأخيرة من «مهرجان كان»، يقدم نقداً ساخراً للمجتمع البريطاني من خلال كوميديا سوداء يجسدها «الفاشل» روبي الذي يعيش على هامش الحياة ليشكّل مرآة تعكس للمشاهد حجم اللاعدالة التي يعيشها مجتمع برمّته، علماً بأنّه قبيل عرض فيلمه في لبنان، رفض المخرج الثوري تسلم جائزة من «مهرجان تورينو» وطلب إلغاء عرض فيلمه هناك تضامناً مع عمال التنظيف والأمن في المتحف الوطني للسينما في المدينة الذين تحركوا للمطالبة بحقوقهم! ومن «مهرجان برلين 2012» هذه المرة، حيث نال دبّها الذهبي، يأتي فيلم «قيصر يجب أن يموت» للأخوين تافياني (30/11 ـ 2/12). المعلّمان الإيطاليان اللذان اشتهرا بأعمالهما التي تعكس بشعرية المشكلات الاجتماعية والسياسية في بلدهما، يتصديان هنا لتجربة فريدة من نوعها: الممثلون ليسوا سوى سجناء يتمرّنون على مسرحية «يوليوس قيصر» لشكسبير. كذلك، يعرض «عمر قتلني» للفرنسي المغربي الأصل رشيد زام (3/12 ـ س:10:30). العمل الذي نال نجاحاً باهراً في فرنسا وخارجها يلقي الضوء على أحد الأخطاء الشهيرة التي ارتكبها القضاء الفرنسي وأدّت إلى دخول البستاني البسيط والمهاجر عمر الردّاد السجن لمدة سبع سنوات. ولعلّ الشريط هو خير تعبير عن التمييز الحاصل بحق المهاجرين والعرب في المجتمع الفرنسي.
وكعادته، يواصل المهرجان تشجيع المواهب الشابة، فيعرض 19 فيلماً طالبياً قصيراً من لبنان تغطي معظم كليات السينما المحلية ومعاهدها، فيما يمنح جائزتين للأفلام اللبنانية القصيرة. وتتألف لجنة التحكيم من مكلفين بشؤون الثقافة في سفارات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومراكزها الثقافية في لبنان، ومن نقاد سينمائيين لبنانيين. وتسلم الجائزتان يوم الأحد في 9 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وفي إطار المهرجان أيضاً، تنظم جمعية «متروبوليس» والمعهد الفرنسي في لبنان طاولة مستديرة (7/12) لمنتجين وموزعين وأصحاب صالات عن توزيع وإصدار الأفلام في لبنان والعالم العربي. كما تنظم مؤسسة «سينما لبنان» ورشة عمل لإعادة كتابة سيناريوهات الأفلام الروائية، بالتعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي والمعهد الفرنسي في لبنان و«كتلة بيروت الإبداعية» (بين 3 و7/12)، على أن تلي ورشة العمل ندوة مفتوحة (8/12) تتناول «أسرار السيناريو الجيد». وفي خطوة من شأنها كسر مركزية بيروت، سيشمل المهرجان مناطق خارج العاصمة، كجونية وزحلة وطرابلس.

«مهرجان السينما الأوروبية»: من 29 تشرين الثاني (نوفمبر) حتى 9 كانون الأول (ديسمبر) ـــ «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية ـ بيروت) ــ للاستعلام: 01/332661






سقوط منزل آشر

كحدث خاص في الدورة الـ19، يختتم «مهرجان السينما الأوروبية» بالفيلم الصامت «سقوط منزل آشر» (1928) لجان ايبستين (9/12 ــ س:10:00). والشريط مستوحى من رواية لإدغار آلن بو الذي يعتبر رائد القصص القصيرة، وتحديداً روايات الرعب، والملهم الأول لأفلام الرعب بصيغتها الأولى.
وسيترافق عرض العمل مع أداء موسيقيّ حيّ لفرقة Scrambled Eggs (سينتيا زافين)، بالاشتراك مع مهرجان The Dream Machine. وقد نجح هذا الفيلم في خلق مناخ حلمي وفرض أجواء مقلقة وسوداوية بل كابوسية، ولعلّه إحدى أنجح التجارب الفرنسية الرائدة في مجال سينما الفانتازيا.