القاهرة | حتى الساعات الأخيرة من يوم الافتتاح، توقّع الضيوف العرب والأجانب من سينمائيين وإعلاميين ومشاركين في «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» ورود رسالة من إدارة المهرجان تعتذر فيه عن عدم إقامة الدورة الـ35 أو ربما تأجيلها نظراً إلى تداعيات الإعلان الدستوري في الشارع ودعوة الاحزاب المعارضة إلى مظاهرة مليونية في ميدان التحرير عشية الثلاثاء، وهو اليوم الذي كان مقرراً لافتتاح المهرجان في دار الأوبرا التي تبعد مسافة قصيرة عن الميدان. إلا أنّ هذا لم يحصل. إدارة المهرجان مضت في قرارها مع تعديل بسيط طرأ في اللحظات الأخيرة، هو تأجيل الافتتاح يوماً واحداً فقط.
حذر وترقّب وقلق تقابلها عبارات على غرار «الحمد الله بالسلامة»، و«والله انتو أبطال وشجعان»، يقولها منظمو المهرجان للضيوف الواصلين إلى الفندق. عبارات مغلفة بالامتنان والتأكيد أنّ الدورة ستعقد بمن حضر كي لا يفقد المهرجان صفته الدولية، بعدما ألغي العام الماضي. القاهرة على صفيح ساخن... ومهرجانها أيضاً! الأولى تعيش مخاضها العسير لإنجاب «مصر جديدة» وهو العنوان نفسه الذي رفعه المهرجان في دورته الحالية (سينما مصر الجديدة) بعد ثورة بدت بأمس الحاجة إلى شعب يحميها من محتكري الثورات. «سينما إيه وبتاع إيه؟»، يقول أحد الشبان المعتصمين في ميدان التحرير. كلام قد لا يرضي من يرون أنّ الفن انعكاس حقيقي للواقع المعيش، وأنّ على مهرجان السينما الأعرق في مصر أن يسجّل موقفاً واضحاً من الأحداث. كلّ هذا قد يكون أحرج إدارة المهرجان التي اضطرت إلى التعامل مع الأمر باعتباره «واجباً وطنياً». هكذا، حملت هذه الدورة الكثير من العناوين التي تؤكد مشروعية الثورة وتسجل موقفاً سياسياً واضحاً، قد تكون مجبرة عليه أحياناً! والدليل هو الإعلان المتأخر لسحب الفيلم السوري المشارك في المهرجان «العاشق» للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد (الأخبار 27/11/2012) بعد اعتراض عدد من النقاد المصريين الذين رأوا أنّ مصر الثورة يجب أن تتخذ موقفاً من أعمال الفنانين الذين يوالون النظام، إضافة إلى المخرجة السورية المعارضة هالة العبدالله التي سحبت فيلمها «كما لو أنّنا نمسك كوبرا» من المهرجان احتجاجاً على مشاركة عبد الحميد.
دُعي إلى المهرجان 300 ضيف، فهل يحضرون؟ سؤال قد تجيب عنه الأيام المقبلة مع مشاركة نحو 19 فيلماً روائياً في المسابقة الدولية من 18 دولة عربية وأجنبية. وتشارك 5 دول عربية بأفلامها في المسابقة من بينها الشريط المصري «مصور قتيل» لكريم عادل (بطولة إياد نصار) و«مثلث الموت» (العراق) و«تورا بورا» (الكويت)، إضافة إلى مشاركة 13 دولة غربية. «قد لا يكون احتفالاً كبيراً على غرار السنوات السابقة. لكنّ المهم أنّ المهرجان سيقام في موعده وفي ظروف أقلّ ما يقال فيها أنّها صعبة»، يقول رئيس المهرجان الممثل عزت أبو عوف لـ«الأخبار». وسيتم تكريم لبلبة، ونيللي، ومهندس الديكور أنسي أبو سيف، والمخرج الصيني زانغ ييمو. ويرأس محمود عبد العزيز لجنة تحكيم مسابقة الأفلام العربية بعضوية الكاتبة اللبنانية كلوديا مارشليان، فيما يرأس لجنة تحكيم المسابقة الدولية مدير مهرجان «روما» ماركو موللر.
الافتتاح الليلة سيقام في دار الأوبرا مع عرض «الشتا اللي فات» لإبراهيم البطوط. سيسجل المهرجان موقفاً سياسياً بامتياز في هذه الدورة، وهي الأولى بعد «ثورة 25 يناير». والمؤكد أنّ الأحاديث السياسية السرية والعلنية ستخيّم على الأجواء! وحدها ربما فساتين النجمات ستعلن موقفاً واضحاً وصريحاً، رافضة سحب السجادة الحمراء من تحت أقدامها!