دمشق | لم يتمكّن أي مسلسل شامي من منافسة الجماهيرية الساحقة التي حققها «باب الحارة». المسلسل الذي أنتجت MBC خمسة أجزاء متتالية منه، تصدّر قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة في الوطن العربي، وحقق نجومية لعدد من ممثلي الدراما السورية على صعيد عربي، قبل أن يفتح الباب لكم هائل من مسلسلات البيئة الشامية التي صارت تعدّ سلاحاً ذا فعالية كبيرة في مواجهة أي مقاطعة محتملة للدراما السورية.
بعد عرض مسلسل «الزعيم» (كتابة وفيق الزعيم وإخراج مؤمن الملا في رمضان 2011) على المحطة الخليجية ذاتها، وعجزه عن تحقيق نسبة متابعة عالية، قرّرت القناة الأكثر مشاهدة في الوطن العربي إنجاز جزءين جديدين من المسلسل الشامي، على أن يجري التصوير في استوديوهات خاصة تبنى في دبي بسبب صعوبة التصوير في دمشق نتيجة الظروف الأمنية الرديئة. وسينطلق تصوير «باب الحارة 6» في هذه الاستوديوهات فور اتمام الصفقة بين mbc و«ميسلون للإنتاج الفني» (بسام الملا). علماً بأنّ مهندس الديكور حاول العام الماضي بناء ديكور خاص في دبي، لكن عندما اكتشف الكلفة العالية التي يتطلّبها المشروع، امتنع القائمون على المسلسل عن ذلك (الأخبار 1/9/2012). ورغم تصريحات الكاتب مروان قاووق السابقة بأنّه أبرم عقداً مع المحطة الخليجية وباشر كتابة نص الجزءين السادس والسابع تحت إشراف المخرج بسام الملا، إلا أنّ الخبر ظل غير مؤكد، إلى أن خرج بسام الملا ليعلن أخيراً أنّ موضوع إنجاز جزء سادس من «باب الحارة» صار أمراً محسوماً. وتابع أنّ المسلسل الشامي سيبصر النور في رمضان المقبل، وأنّ الفكرة الأساسية للعمل ستكون هي نفسها، لكنّ تفاصيلها وزمنها سيختلفان بعض الشيء. وسيجتمع أبطال العمل في المسلسل، ولن يكون هناك مجال للعب على أعصاب الناس بأن يطلّ نجوم سبق أن ماتوا في الأجزاء السابقة، بل سيستعاض عن ذلك بحضور قوي لكل من سيشارك. وحول مشاركة نجم المسلسل في أجزائه الأولى عباس النوري (أبو عصام) الذي استُبعد بسبب خلاف مع بسام الملا، صرّح الأخير بأنّ أبو عصام لم يمت رسمياً حسب أحداث العمل. لذا، فإنّ عودته أمر وارد ولنترك الإجابة عن هذا السؤال للأيام القادمة بقصد الإثارة ليس أكثر. علماً أنّه سبق للملا أن قدم اعتذاراً صريحاً إلى عباس النوري على شاشة MBC واعترف بأنّه كان مخطئاً ومتسرعاً يوم اتخذ قراراً باستبعاد أبو عصام، وطلب منه العودة إلى الجزء الخامس، لكن النوري فضل عدم المشاركة آنذاك.
من جانب آخر، ما زال بعض الناشطين السوريين الموالين للنظام يحمّلون «باب الحارة» وصنّاعه جزءاً من المسؤولية عما يحدث في سوريا، معتبرين أنّ العنف الحاصل في العمل، والتشويق الذي حمله خلال أحداثه، وجرعات الحماسة المفرطة التي كانت تبثها حلقاته، والحث على الثورة ضد المحتل، ألهبت مشاعر جزء كبير من الشعب السوري، وجعلته يثور ضد الظلم، وخصوصاً أنّ المسلسل شوهد على سوية عالية جداً. فيما يرجح البعض أن يحمل المسلسل في أحداثه المقبلة حالة إسقاطية للانتفاضة السورية، وتجسيداً لشخصيات «الثوار» السوريين. في مقابل ذلك، يستعدّ المنتج إياد نجار (كلاكيت للإنتاج الفني) للدخول في ميدان الدراما الشامية. وهذا الموسم، ستنجز شركته أول عمل شامي لها، بعدما أنهى السيناريست الشاب عثمان جحا كتابة نص جزءين من مسلسل شامي يحمل اسماً مبدئياً هو «القنوات». وستبني «كلاكيت» استديوهات خاصة في بيروت لتصوير عملها، على أن تصوّر بعض المشاهد في البيوت الدمشقية القديمة إذا لزم الأمر. في هذا الوقت، ما زال المثنى صبح يواصل تصوير مسلسله الشامي «ياسمين عتيق» لرضوان شبلي، فيما يستعدّ المخرج مروان بركات لبدء تصوير مسلسله الشامي «قمر الشام» لمحمد خير الحلبي. ويتقاسم بطولته كل من بسام كوسا وديمة قندلفت وتنتجه شركة «غولدن لاين». من جهة ثانية، وبعد اعتذار الفنانين أيمن زيدان، وقيس الشيخ نجيب، وأمل أبو شوشة، سارع المخرج أحمد إبراهيم أحمد إلى الاتفاق مع سليم صبري، وسعد مينة، وقمر خلف لتجسيد أدوار البطولة في الجزء الثاني من مسلسله «زمن البرغوث».
إذاً، اكتملت صورة المسلسلات الشامية لهذا الموسم، على رأسها «باب الحارة»، ليست لأنها الأكثر طلباً على الفضائيات العربي فحسب، بل أيضاً لإمكانية التصوير في الشام القديمة، أكثر المناطق السورية أماناً حتى اليوم. أما بخصوص تاريخ دمشق والعبث فيه وتشويهه، فذلك لن يكون مشكلة كبيرة في زمن التصفية الطائفية والقتل على الهوية.