القاهرة | الصحافة مرآة الشعب، وهي بالفعل كذلك. انقسام الشارع المصري على خلفية الإعلان الدستوري الذي أصدره رئيس الجمهورية محمد مرسي، انتقل إلى اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين أول من أمس، فنشب خلاف بين أعضاء الجمعية التي يرأسها النقيب ممدوح الولي صاحب الميول الإخوانية. أغلب أعضاء الجمعية كانوا يهتفون ضد الإعلان الدستوري، وضد حكم المرشد، بينما ردّد النقيب مقولة حقّ أراد بها باطلاً!
قال إنّ النقابة لا دخل لها بالسياسة، وأنّها جمعية عمومية للصحافيين بمختلف انتماءاتهم السياسية، مضيفاً أنّه «على الصحافي خلع ردائه الحزبي على باب النقابة». لكنّه نسي أنّه هو ذاته يتبنى موقف جماعة الاخوان المسلمين وحزبها «الحرية والعدالة» في الأمور السياسية مثل رغبته في البقاء في الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور التي قرّر مجلس النقابة الانسحاب منها، وصمته على ما ورد في مسودات الجمعية من مواد تجيز حبس الصحافي، وإغلاق الصحف ومصادرتها. وهاجم النقيب عدداً من أعضاء مجلس النقابة حين قال «النقابة مش للناصريين ولا اليساريين مهما حاول البعض».
بداية، شهدت الجمعية العمومية خلافاً حول النصاب القانوني لانعقادها، خصوصاً بعدما قرر مجلس النقابة تمديد التسجيل في الجمعية حتى الثانية ظهراً بدلاً من الثانية عشرة، وهو ما اعتبره النقيب مخالفاً للقانون، رغم أن الانتخابات التي فاز بها النقيب قبل عامين، لم يكتمل نصابها القانوني في الموعد المحدد وتقرّر وقتها تمديد التسجيل من دون أن يعترض الولي.
النقيب ومجموعة من الصحافيين المنتمين إلى الإخوان حاولوا إفشال الجمعية بشتى الطرق، واختلاق الأزمات، فقالوا إنّ للنقيب وحده الحق في إدارة الجلسة وليس الأمين العام للنقابة كارم محمود، واعتلى أنصار الولي مراراً المنصة التي يجلس عليها النقيب وأعضاء مجلس النقابة. وتدخل النقيب السابق جلال عارف وصعد على المنصة مخاطباً الجميع بضرورة أخذ موقف واحد من السلطة «التي تحاول أن تضيق مساحة الحرية التي خلقها نضال الصحافيين على مدار سنوات»، مضيفاً أنّه لا يتخيّل أن يرضى أي صحافي مهما كانت توجهاته السياسية أن ينصّ الدستور على جواز حبس الصحافيين. حجة النقيب انتفت عندما اكتمل النصاب. خلال كلمته، حاول الابتعاد عن الأمور الشائكة، وتحدث في زيادة بدل التكنولوجيا الذي يحصل عليه الصحافيون من النقابة واعداً بزيادة البدل خلال الفترة المقبلة، متعمّداً تجاهل الإعلان الدستوري الذي يشغل مصر حالياً، وهو ما رفضه أغلبية أعضاء الجمعية الذين هتفوا «الشعب يريد رحيل النقيب»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، وهو ما كان يقابله صحافيو الإخوان بهتاف «النقيب قال الحق».
حالة الانقسام استمرت. عندما بدأ وكيل أول النقابة جمال فهمي تلاوة القرارات التي يُفترض أن يصوّت عليها أعضاء الجمعية العمومية. قفز عدد من أنصار الجماعة على المنصة وخطفوا الورقة من يد فهمي وعطلت في الوقت ذاته مكبرات الصوت في القاعة، ما دفع فهمي إلى قراءة القرارات من دون مكبر صوت، ورددها خلفه أعضاء من الجمعية، قبل أن يهتفوا جميعاً «إجماع... إجماع» في إشارة إلى الموافقة بالإجماع على القرارات. ومن بين هذه القرارات أنّ الجمعية العمومية تعلن رفضها «قرارات إعلان الديكتاتورية في مصر التي أعلنها الرئيس محمد مرسي»، وأنّ الصحافيين موحّدون في الدفاع عن حرية الشعب والصحافة المصرية، وأن الجمعية توافق على القرارات التي اتخذها مجلس النقابة بشأن الانسحاب من الجمعية التأسيسية «المشبوهة التي ستصدر دستوراً يصادر الحريات ويسمح بتعطيل الصحف ويحلّ النقابات بما فيها نقابتنا». وقال فهمي أيضاً إنّ الجمعية العمومية ستنفذ الإضراب العام الذي دعا إليه مجلس النقابة حتى تستعيد الصحف حريتها، مضيفاً أنّها كلفت مجلس النقابة باتخاذ الإجراءات الخاصة بالإضراب وتحديد المواعيد التي يلتزم بها جموع الصحافيين، وأن الجمعية في حالة انعقاد دائم «حتى ننتصر»، وأنّها جزء لا يتجزأ من الشعب المصري، ترفض الديكتاتورية والسطو على مصر.