دمشق | استقطب البيان المسجّل للكتائب المقاتلة في حلب، اهتمام السوريين وحفّزهم كالعادة على المزيد من الكوميديا السوداء، خصوصاً أنّه أعلن عن إقامة دولة إسلامية! هكذا راح البعض يبارك للفنان السلفي المعتزل فضل شاكر على اعتبار أنّ حلمه تحقق في عاصمة الشمال السوري، بينما بلغت السخرية حدها الأقصى بعد مشاركة رجلي النظام النائبين السوريين شريف شحادة وخالد العبود في مؤتمر للمعارضة في طهران منذ أيام. إذ تساءل الناشطون السوريون عبر حساباتهم على فايسبوك: إذا كان المعارضون على هذه الحال، فماذا يفعل المؤيدون؟ لكن كلّ ذلك عبر سريعاً لتتكرس القضية الأساس في عمق الحدث اليومي وهي قضية الصراع العربي الإسرائيلي الذي ينحصر هذه الأيام في العدوان على غزة. سرعان ما تحولت صفحات السوريين بمن فيهم الناشطون والإعلاميون والفنانون إلى مدونات تلخّص الحالة وتفندها كل حسب وجهة نظره.
لكن أغرب التعليقات هي تلك التي كتبها رسام الكاريكاتور الشهير علي فرزات على صفحته على فايسبوك: «تسقط كل محاولات التشويش على الثورة السورية... الثورة السورية هي المفتاح وكل ما دونها أقفال». ثم تابع: «غزة قضية حق أرادوا منها باطلاً» في محاولة للتلميح إلى أنّ الحرب على الغزة تهدف إلى خطف الأضواء عما يجري في سوريا، وتشكّل مساعدة من إسرائيل لتخفيف الضغط عن النظام السوري! في حين كتبت السيناريست المعارضة ريما فليحان مقالاً تقارن فيه بين العدوان الاسرائيلي على غزة وقصف النظام السوري لشعبه. وكتبت أنّ الشعب السوري يشارك أخاه الفلسطيني الغصة ذاتها مع الفرق بأنّ من يقصف غزة هو الاسرائيلي بينما تدك سوريا بنيران ذوي القربى. أما الفنانة الفلسطينية السورية كندة علوش، فقد كتبت لتؤكد أنها «سورية حتى النخاع، وتصرّ على مطلب الشعب السوري بالحرية». وعبّرت في تعليق وجداني عن الوجع الذي يصل فلسطين بسوريا: «لو نفعت الأغاني، لما توقّفتُ عن الغناء إلى أن تدمى حنجرتي مقابل لحظة من الفرح تزرعها الأغاني في صدور الناس المنكوبة، من الناصرة إلى سوريا، لكم قلوبنا، نزرعها في صدور الشهداء كي تحيا» في حين نشر السيناريست فؤاد حميرة صورة لطفلة غزاوية تكتب وظائفها المدرسية على ضوء الشمعة، مذيلاً الصورة بتعليق عن معاناة أطفال فلسطين من دون أن يتوقف صاحب «غزلان في غابة الذئاب» عن كتابة التعليقات المناهضة للنظام وأخرى تهاجم بعض المعارضين الذين يرتهنون لجهات خارجية بحد تعبير حميرة الذي غادر دمشق أخيراً صوب عمان. أما النجم فراس إبراهيم، فقد تساءل ما إذا كان تضامنه مع غزة سيؤدي إلى إدراج اسمه على القوائم السوداء كما حصل حين أعلن تضامنه مع بلده، إذ كتب: «عندما قلنا نحن مع سوريا الأرض والجو والبحر، كان الرد يأتي اذا لم تعلنوا أنكم معنا، فأنتم وسوريا في القائمة السوداء. والآن نحن مع غزة، مع فلسطين فبأي قائمة ستضعوننا؟!». في مقابل ذلك، أكمل بعض النجوم السوريين حياتهم بشكل طبيعي من دون استخدام صفحاتهم مساحات للتعبير عما يحصل في غزة، إذ استمرت يارا صبري بالتوثيق لأسرى الانتفاضة السورية والمفرج عنهم، في حين تابع المخرج سيف الدين السبعي نشر حلقات مسلسله «الحصرم الشامي» على اعتبار أنّ أحداث العمل تشكل انعكاساً لما يحدث. رغم كل الجراح التي تنغل في عاصمة الأمويين، إلا أنّ فلسطين تبقى الحلم الذي لا يموت بالنسبة إلى الكثير من السوريين، لتتحول صفحاتهم الافتراضية هذه المرة فضاء رحباً لهذا الحلم.