خلال مباراة فريقي «الصفا» و«التضامن» التي نقلتها شاشة «الجديد» مباشرة يوم الاثنين، ظهر شريط إخباري عاجل يفيد: «قصف إسرائيلي يستهدف مبنى «برج الشروق» الذي يضم مكاتب لوسائل إعلام عدة وسط غزة». عشر ثوانٍ فقط، ثم اختفى الشريط كي لا يحجب ركلة «كورنر» لـ«التضامن». بعد دقائق قليلة، مرّ الخبر ذاته مع إضافة عدد «القتلى» على شاشة «إل. بي. سي» لكن بصمت أيضاً؛ فالهواء المباشر كان مخصصاً وقتها لجميلات «حلوة الحياة» وفقراتهنّ الغنيّة. «أو تي في» كانت قد أعلنتها منذ البداية، أن لا هواء مباشراً إلا لمؤتمرات الجنرال ميشال عون وللنشاطات العونية. أما «المستقبل»، فبقيت مشغولة بحلّتها الجديدة وبأخبار «سوريا اليوم» وأعطت «المباشر» لمواكبة... اعتصام رياض الصلح.
لا شيء هزّ رتابة القنوات التلفزيونية اللبنانية على مدى أسبوع من العدوان على غزة. المسلسلات التركية وبرامج الأطفال الرديئة وفقرات الطبخ والسيارات... بقيت ثابتة لا تخترقها صور عاجلة لغارات إسرائيلية على قطاع مكتظ محاصر ولا شريط تاريخياً لصاروخ وصل سالماً إلى تل أبيب، فأصاب سكّانها ونشر الهلع. منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي، استسلمت المحطات اللبنانية وصرفت النظر عن معركة تقع على بعد أميال قليلة منّا وتخاض ضد «عدوّ مشترك». وحدها «المنار» فتحت هواءها كاملاً لأحداث غزة في الأيام الأولى لتنحسر بعدها مساحة التغطية المباشرة يوماً تلو آخر. أما «الميادين»، فما زالت تؤدي واجبها كاملاً.
فشل مهني وأخلاقي مدوٍّ يسجّل في أداء معظم القنوات المحلية التي فضّلت «النأي بنفسها» بدلاً من تأدية الواجب الإعلامي، والسبب أنّ أخبار غزة «ليست ربّيحة» في حسابات السوق المحلي. أحداث غزة لا تدخل في الحملات الانتخابية اللبنانية المبكرة، وليس فيها «سكوب» يسجّل نقاطاً لمحطة على أخرى منافسة، وغزة ليست ٨ آذار ولا ١٤، لن تشعل فتنة مذهبية، والأهم أنّها لا تندرج في برنامج «الربيع العربي» الإعلامي.
مهنياً، اكتفت القنوات «النائية بنفسها» بأخبار ــ معظمها من وكالات الأنباء ــ مطبوعة في شريط «عاجل» على شاشاتها من دون صوت ولا صورة، رغم توافر المواد الآنية من أرض الحدث. وهنا تغلّبت مواقع التواصل على المراسلين والعدّة التلفزيونية الضخمة، فكانت تغريدات الغزيين المباشرة والمصوّرة أحياناً على موقع تويتر أقرب إلى الواقع من مجمل التغطيات الصحافية.
وفجأة، وسط البهتان الإعلامي المنفّر، تبتكر إحدى الشاشات «كليب» قصيراً مكوّناً من لقطة مصوّرة لدخان ولهب متصاعدين من غزة على وقع موسيقى صارخة، ثم يرتفع شعار «عمود السحاب». للوهلة الأولى، تظنّ أن «الدش» التقط مصادفة القناة الإسرائيلية الثانية أو العاشرة قبل أن تتنبّه إلى أنّ شاشة «عمود السحاب» ليست سوى شاشة قناة mtv اللبنانية.
mtv تبنّت الاسم الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي على عدوانه، فاتخذت من «عمود السحاب» شعاراً لفقرتها الإخبارية المخصصة للحدث وسمّت العدوان على غزة «العمليات الأمنية بين إسرائيل وغزة». وفي فقرة «عمود السحاب» ضمن النشرات الإخبارية، يطلّ يومياً مراسل المحطة اللبنانية مجدي الحلبي من «القدس» (غير المحتلّة بالنسبة إلى mtv). غالباً ما يستهلّ الحلبي (الأخبار 21/1/2012) إطلالاته بالطمأنة إلى أنّ «القبة الحديدية الإسرائيلية تصدّت لصواريخ «حماس»، فأسقطت واحداً وسقط آخر في منطقة غير مأهولة». الحلبي يتبنّى أيضاً التسمية الرسمية الإسرائيلية للعدوان بإشارته إلى «العملية العسكرية لضرب «حماس» في غزة»، رغم سقوط نحو مئة شهيد من المدنيين حتى الآن. المراسل الذي خدم في الجيش الإسرائيلي، نفّذ أيضاً تقارير يومية تبثها mtv في بداية نشراتها الإخبارية المسائية، وتبدو أقرب إلى البروباغندا الحربية لجيش العدو. كل تقارير الحلبي تظهر استعدادات الجيش الإسرائيلي الكبيرة للهجوم الشامل على غزة ويستشهد خلالها بقائد الأركان الإسرائيلي الذي يقول إنّه «واثق من الانتصار هذه المرة». أما أخبار الحلبي الخاصة، فتأتي من «مصدر كبير جداً في مكتب نتنياهو» ومن «تسريبات حصلنا عليها من اجتماع أمني مصغّر في تل أبيب»، وكلها تشير منذ اليوم الأول إلى «قرار إسرائيلي بدخول بري قريب إلى غزة». الصورة التي ينقلها الحلبي للمشاهدين تتلخص إذاً في أنّ الجيش الإسرائيلي في كامل جهوزيته لعدوان بري، وهو واثق من الفوز والقبة الحديدية تعمل بنحو ممتاز.
وللـ mtv قاموسها الخاص عندما يتعلق الأمر بالاحتلال وفلسطين: مثلاً، العدوان الإسرائيلي على غزة وتصدي المقاومة الفلسطينية له يسمّى «عمليات أمنية» أو «أيام العنف»، والاحتلال الإسرائيلي هو «إسرائيل». أما فلسطين المحتلة فهي «الأراضي الفلسطينية». وبالنسبة إلى mtv، لا شهداء فلسطينيين بل «قتلى» من الطرفين، والعدوان الإٍسرائيلي الأخير على لبنان اسمه «حرب إسرائيل الأخيرة مع حزب الله». الحلبي يستخدم القاموس اللغوي ذاته، فيسمي المدن الفلسطينية المحتلة «مدن الجنوب الإسرائيلي» و«الوسط الإسرائيلي»، ويصف العدوان بـ«قصف إسرائيلي على غزة» يقابله «قصف حمساوي على إسرائيل».
هكذا، بعدما استهلّت المحطة اللبنانية نشراتها الإخبارية منذ بدء العدوان على غزة برسائل عسكرية إسرائيلية، واصلت عملها البروباغندي على مدى أسبوع، فغابت صور جثث الأطفال الفلسطينيين عن معظم تقاريرها ولم يسمع صوت الغزيين إلا نادراً، ودوماً بعد الرسائل العسكرية على لسان الحلبي، وبعد المشهد السياسي والدبلوماسي العام للحدث.
طبعاً، سعت المحطة تكراراً وبأسلوب تهويلي إلى الإشارة إلى أنّ «حزب الله والحرس الثوري الإيراني في لبنان رفعا وتيرة إمدادهما غزة بالصواريخ»، مبدية احتجاجها على ربط لبنان بـ«بركان غزة» المجاور. ليت المحطات الأخرى أتقنت العمل البروباغندي، كما تفعل mtv، لكن بالاتجاه المعاكس!
15 تعليق
التعليقات
-
لماذا إقحام قناة المياديينلماذا إقحام قناة المياديين إذا كان الكلام عن القنوات المحلية
-
من اين يأتي المال !يأتيمن اين يأتي المال !يأتي الخبر! mtv مثل بعض المحطات الاخرى ,يأتيها التمويل من المجهول لتغطي اخبارا بمصطلحات اسرائيليية! وهذا شيء ليس بغريب فغالبية الطائفيين والمرتزقة من الشعب اللبناني والغير وطنيّين والغير منطقيّين والمتغطّين بغطاء الاعلام تارة وبالصحافة تارة وبالمناصب الرسمية تارة اخرى ,الخ...يعملون بما يخالف مصلحة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني والفقراء والمساكين المغلوب على امرهم, وهذا ما يتبيّن من ادائهم المشبوه المثير للفتن والنعرات..........
-
ام تي في هيك بتغنيام تي في هيك بتغني
-
استاذ حسن كلنى نعرف اناستاذ حسن كلنى نعرف ان تلفزيون mtvمن يموله الاعراب ونعرف المر الابن دائمأ يقول انه لا يمانع ان يحصل سلام مع العدو الصهويني ولمل نقول لهم انكم الصهاينه العرب يقولون انكم تخونه انت اكثر من هذا
-
اختي الكريمه لا اظن ان للمناراختي الكريمه لا اظن ان للمنار اهتمام اكثر من القضيه الفلسطينيه وهي كما هو معروف ليست بحاجه للاعلانات من اجل الربح فهي قناه كل المقاومهوالمقاومين في كل الاقطار
-
أتفق مع المضمون تماماً! شيءأتفق مع المضمون تماماً! شيء مخزي فعلاً ولكن سؤال: لماذا إقحام اسم قناة "الميادين" والحديث عن تغطية المحطات المحلية للعدوان الصهيوني على غزة؟
-
و أين هو اعلام المنار منو أين هو اعلام المنار من المجازر التي حدثت و ما زالت تحدث في سوريا؟؟؟؟؟؟؟ تناقض غريب و منطق أجوف
-
الله يخليلنا قناة المنار...الله يخليلنا قناة المنار... هل لاحظتم ان العدو الاسرائيلي في حربه على لبنان في العام 2006 لم يقصف اي محطة لبنانية باستثناء قناة المنار، معلومتي هذه صح ام خطأ؟ نرجو التوضيح. يا رب تحفظ قناة المنار صوت للعرب والمسلمين والمقاومين.
-
ليه مين بيحضر mtv ؟على فكرة لو ما تكتب الموضوع ما كنت عرفت انو تغطيتن هيك .بس السؤال يبقى .. بيستحقوا موضوع ؟ ليه من اساسا بيحضرها لهيدي المحطة الغريبة العجيبة. اول ما طلعو كبو ازعاجن وسمن .. فخلص قلبناها وعليكن العوض .
-
\ قلة هم أصحاب الأقلام التي\ قلة هم أصحاب الأقلام التي تعنمد المصداقية وقلة هم من لديهم الآمانة في بث الحقيقة ، أصبحنا نتسابق في بث الخبر فقط من دون التدقيق ....للأسف وسائل الإعلام وخاصة المرئية اللبنانية اصبحت وسائل دعائية وحملات ترويجية لمسلسلات وبرامج فاسدة ساخرة تتفاخر بشهرتها بألفاظ ومناظر خلاعية لا تمت لواقعنا بشيء .... وخاصة في هذه الأيام منذ بداية العدوان على غزة وحتى الآن لم نجد أي قناة لبنانية قطعت برامجها وقامت بتغطية الحدث وحتى قناة الجديد التي كنا نعلق آمالنا عليها استمرت ببث برامجها كالعادة وكأن شيء لم يكن .... قد أضاعو وأظلوا الطريق
-
حرب المصطلحات إن العالم العربي يعيش أزمة مفاهيمية وقيمية. مثلاً، كثيراً من نسمع كلمات الإدانة والشجب ونطالب الآخرين بإصدار بيانات. ومع ذلك، فلا أحد يسمعنا. والسؤال: لماذا نستعير هذه المفردات؟ وفي أي مكان يمكن صرفها؟ وهل بإمكان الإدانة - لو صدرت - أن تحقق نتيجة ملموسة؟ (رئيس وزراء مصر جرت معه مقابلة لإحدى المحطات الأجنبية فتحدث أن المطلوب في غزة وقف العنف والعنف المضاد!). ثم لماذا نسمع كلمات بلا معنى مثل الطائفة السنية أو الشيعية أو التبشير السني أو الشيعي، في حين أن الأصوب أنهم مسلمون على مذاهب عدة. أحد المشايخ يقول إنه لا يعادي الطائفة الشيعية، وهو بهذا الكلام يكفّرها. بالنسبة للإم تي في. هذه المحطة قبل إغلاقها بسنوات قليلة عرضت فيلماً مسيئاً للمسلمين يحكي قصة أسرى من الصليبيين وأن المسلمين أرادوا قطع يد واحد منهم لأنه سرق قطعة خبز. للأسف، المجلس الوطني للإعلام لا يراقب المحطات. والأدهى أن محطة لبنانية ليبرالية (إسلامية) عرضت فيلماً أجنبياً منذ سنوات يضم مشاهد خلاعية وعرياً ظهيرة العاشر من محرم. طبعاً، يومها كان السوريون في لبنان ولم يكن ثمة تشنج مذهبي. في المحصلة، لا بد من الإعلام أن يكون مسؤولاً، ولا بد من الرقابة والمحاسبة. فلا يجوز استقبال أشخاص وإضفاء صفة خبير عليهم في شؤون بعض الدول وهم لا يتكلمون لغتها، ولا يجوز أن يُطلق لقب محلل، أو باحث، لأنه إذا ما وجد محللون أو باحثون (وهذا شبه مستحيل في لبنان) فإن وقت هؤلاء لا يقدر بثمن ولا يمكن أن يتسكعوا بين المحطات ليدلوا بما لم ينزل به الله من سلطان.
-
MTV هي إسرائيلية بماركة الانعزالية اللبنانيةما يميز مجدي حلبي مراسل إم تي في في القدس المحتلة ليست خدمته في جيش الاحتلال الإسرائيلي ولكنه كان أحد جنوده الذين شاركوا في العدوان على لبنان واجتياحه في صيف 1982 وعلاقته معروفة مع عملاء إسرائيل من القوى الانعزالية في لبنان التي جملت السلاح إلى جانب قوات الغزة الإسرائيلي.وعندما أنشأت أميركا قناتها الفضائيةالمعروفة باسم "الحرة" تم اختيار مجدي الحلبي مراسلا لها في القدس المحتلة.
-
رأيmtv حكي فاضي هني بس بغنوا وبيرقصوا وبيفرحوا حتى قصص الأطفال ليست love life قدن