خلال الأشهر الماضية، أبلس بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي «حركة المقاومة الاسلامية حماس». وقيل بحقها ما لم يقل بحق أحد. شُكِّك في نوايا قادتها، خُوِّنوا، وهمِّش تاريخهم النضالي. بالنسبة إلى هؤلاء، «حماس» اليوم ليست «حماس» عام 2008، عندما شنّ العدو الاسرائيلي عملية «الرصاص المصبوب» على القطاع. حينها كانت «حماس» مقاومة شريفة بطلة. أما اليوم وبعد الذي جرى في سوريا، والمواقف التي أعلنها قادة «حماس» وخروجهم من سوريا وإغلاق مكاتبهم بالشمع الأحمر، تبدلت نظرة هؤلاء تجاه الحركة الاسلامية الاكبر في فلسطين. هاجموها واتهموها بأنّها عميلة لقطر بسبب موقفها السياسي وانتقال رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل من دمشق الى الدوحة. آخرون كانت مواقفهم ألطف، فاتهموها بقلة الوفاء تجاه البلد الذي احتضنهم عندما كانوا مشتتين في الارض. بينما اعتبر البعض أنّ «حماس» قررت ترك العمل المقاوم، والالتحاق بالسياسة العامة للتنظيم الأم «الاخوان المسلمين» المهادن للانظمة المتصالحة مع اسرائيل.
لكن بعد اغتيال نائب القائد العام لكتائب القسام أحمد الجعبري، تغيرت نظرة هؤلاء تجاه «حماس». في اللحظة التي سقط فيها الجعبري شهيداً، تضامن هؤلاء مع الحركة ومصابها. اعتبروا أنّ الجسم العسكري لـ«حماس» لا علاقة له بالسياسة الحمساوية. مقاتلو القسام بنظرهم لا علاقة لهم بالسياسة. فهم مثل عناصر «حزب الله» لا يهتمون بالسياسة وهم ملتزمون فقط بقتال العدو الاسرائيلي كما كتب بعضهم على الفايسبوك. هكذا، منذ أن بدأت عملية «عمود السحاب» كما اطلق عليها الجيش الاسرائيلي، عادت «حماس» الى موقعها الحقيقي بحسب بعض أنصار النظام السوري. لذلك كان التضامن معها واجباً.
بالطبع، التضامن مع الحركة الاسلامية وعمليتها العسكرية «حجارة سجيل» لم يخل من بعض التلطيشات للحركة وقيادتها. كتب بعض الناشطين على الفايسبوك أنّ «صاروخ فجر 5 الذي وصل الى تل أبيب مجوسي». لكن كاتب التعليق تناسى بذلك أنّ علاقة حماس بالجمهورية الاسلامية الايرانية في عز «الازمة السورية» لم تتضرر. رئيس وزراء حكومة «حماس» اسماعيل هنية كان في إيران منذ أشهر، مخاطباً الايرانيين في ذكرى الثورة الاسلامية، كما أنّ القيادي الحمساوي محمود الزهار كان في ضيافة الرئيس الايراني في طهران منذ قرابة ثلاثة أشهر. «الزكزكات» لم تنحصر ببعض التعليقات. كتب آخرون أنّ الصواريخ التي تطلق على «اسرائيل» هي سورية وايرانية الصنع، بينما الوقود الذي تستخدمه الطائرات الاسرائيلية هو قطري. وبين هذا وذاك، فإنّ الانجازات التي حققها رجال القسام في الميدان أجبرت أغلب الذين كانوا يهاجمون «حماس» على التضامن معها، معيدين لازمة أنّ «حماس المقاومة غير حماس السياسة». لكن على المقلب الآخر، اعتبر أنصار «الثورة السورية» أنّ «حماس» ــ ورغم الحملات التي اعتبرتها «عميلة»ــ تقاتل العدو الاسرائيلي، ما يعني بالنسبة اليهم أنّ «الثورة السورية ستهاجم العدو الاسرائيلي عند سقوط نظام الأسد» كما كتب بعضهم.
بالطبع مثل هذه التعليقات لاقت هجوماً وهجوماً مضاداً من قبل انصار النظام السوري وخصومه.
فبالنسبة لمؤيدي النظام، «المعامل السورية هي التي صنعت صواريخ فجر-5»، ولم ترسل هذه الصواريخ من قطر. كما علّق أحدهم «قطر ارسلت موزة -1 بينما ارسلت سوريا فجر -5». من جهتهم، معارضو النظام السوري ردّوا من خلال نشر تعليقات ان ما يجري في غزة الآن «الهدف منه ابعاد النظر عما يجري في سوريا من أحداث». وكأن الرئيس السوري اتصل بالاسرائيلي طالباً منه فتح الجبهة لتخفيف الضغط عنه.
هكذا، بين هذا وذاك وبين أبلسة حماس، وتأييدها يبقى مقاومو القسام يدفعون هم ضريبة الدم بلحمهم، وبوصلتهم دائماً هي القدس.