«نغمات فارسية» ستتراقص على «الجزيرة الوثائقية». سيكشف الشريط الوجه الآخر للحضارة الفارسية بهدف تغيير الصورة التي رسمها الغرب لهذا البلد كـ «مصدر للإرهاب». هذا ما يقوله منتج العمل وشريطه بلال خريس لـ «الأخبار». أراد الأخير إخراج مكنونات هذه الحضارة الى العلن من خلال الموسيقى التي تسير كما يصفها أحد ضيوف العمل بـ «الفيلم السينمائي» بين المحافظات والقوميات المختلفة في هذا البلد رغم احتفاظ كل منطقة بخصوصيتها وأذواقها السمعية.
ساعة واحدة هي مدة الفيلم (مدير الإنتاج حسين شكرون) سيأخذنا خلالها خريس في جولة بين ثنايا هذه الدولة للتعرف الى موسيقاها: مقاماتها، أنواعها، أدواتها، وأبعادها مع الإطلالة على دور الشباب فيها، كما سيخصّص جزء للمرأة من خلال الإضاءة على دورها المتقدم، وخصوصاً بعد حكم الشاه في مجال تعلّم وتعليم الموسيقى والحضور على الساحة العالمية بعدما مارست هذه المهنة في الخفاء طوال الأعوام الماضية. مع العلم أنّ احترام الموسيقى عند الشعب الإيراني يصل الى حد القداسة، متجلياً بأبهى حلته عندما يقف الجمهور دقيقة صمت احتراماً لما سيسمعه من الفرقة الموسيقية على سبيل المثال.
القاعدة الأساس التي تنطبع فيها هذه الموسيقى هي مزاوجتها بين مختلف المعتقدات الدينية والعرفانية وبين القوميات والعرقيات المتنوعة التي تعيش في كنف هذه الدولة وتعبّر عن تنوعها الثقافي، ما يحفظ على نحو أساسي «مسار الثورة». يستضيف الشريط المترجم الى العربية أساتذة ومؤلفين وعازفين ومشرفين على فرق موسيقية، منها الأوركسترا الوطنية للوقوف على نوعي الموسيقى هناك: الكلاسيكية والفارسية التي تضم خمسة ألحان وسبع الآت (شور، ماهور، جهاركاه، نوا، راست بنجكاه، سه كاه، همايون) كما تفرد مساحة للحديث عن الموسيقى التصويرية التي لمع بها الإيرانيون في أفلامهم وحصدوا جوائز عدة بسبب البعد الروحاني التي تحملها هذه الموسيقى مع استخدام آلات وترية ونفخية تصبغ مسحة حزينة على الغالب. ثلاثة أشهر متواصلة من التصوير والتنسيق الفني والتواصلي مع الإيرانيين بغية إظهار الصورة الفنية والحضارية لهذا البلد عبر منبر «الجزيرة الوثائقية» للقول إنّ هناك ثقافة فنية يراد طمسها و«التركيز على وجهها المعتم بهدف إحداث شرخ بينها وبين باقي الدول العربية» على حد تعبير خريس. الموسيقى لغة عالمية لا تعرف حدوداً، وكما يبدأ الفيلم بمشهد لعازفة يُكتشف لاحقاً أنها صماء، ينتهي كذلك بالمشهد عينه لإيصال رسالة مفادها أنّ هذا الفن يتخطى الحدود الجغرافيا والأعراق وحتى السياسة ليصل مباشرة الى الأذن والقلب معاً «لنكتشف أنّ إيران تحبّ الحياة وأن الدين ليس عائقاً أمام هذه الحياة».



«نغمات فارسية» غداً 20:00 (18:00 بتوقيت غرينتش) على «الجزيرة الوثائقية»