بيت لحم | ردود فعل مختلفة أثارها «بينالي قلنديا الدولي» للفنون المعاصرة الذي يختتم أنشطته اليوم بمشاركة سبع مؤسسات فلسطينية (مؤسسة عبد المحسن القطان، مركز خليل السكاكيني، المعمل للفن المعاصر، مركز رواق للتراث الشعبي، حوش الفن، الأكاديمية الدولية للفنون، دارة الفنون للثقافة). يقضي المشروع بأن يقيم كل مركز نشاطه مستقلاً لكن بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات الشريكة.
«بينالي قلنديا الدولي» الذي سينظَّم بشكل سنوي، أثار ردود فعل مختلفة عن ماهية المشروع وابعاده السياسية والفنية، وارتسمت بعض علامات استفهام حول توجهاته المستقبلية، إذ كتبت الناشطة كريستين ناصر على موقع «الحوار المتمدن» عن البينالي وأسباب انطلاقه في فلسطين، متهمةً مدير «بينالي قلنديا» جاك برزخيان بـ«الكارت المحروق» بعد الكلام الذي أثير عن طرده من إدارة «بينالي الشارقة»، متهمةً إياه بالفساد المالي والاخلاقي.
أما السؤال السياسي فيتعلّق بتغييب «بينالي» قلنديا لواقع مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين، وما يشهده هذا المخيم من أحداث يومية مع قوات الاحتلال. علماً أنّ المخيم نفسه يشرف على مدينة القدس وحاجزها الشهير الذي سمي تيمّناً بالمخيم، وهذا ما لا نراه على الإطلاق في فعاليات البينالي. بل إنّ هذا الأخير افتُتح في قرية قلنديا (شمال القدس) بعيداً عن المكان الذي ارتبط بفكرة المشروع وشهرته، وتم استخدام قلنديا كترويج إعلامي للمهتمين الأوروبيين الذين يعرفون أو يسمعون عن قلنديا.
أما مشاركة المؤسسات فجاءت متفاوتة، ولعلّ أحد أهم الأنشطة كان مسابقة «الفنان الشباب» التي تنظمها «مؤسسة عبد المحسن القطان» مرة كل عامين، وكذلك بعض الأعمال لفنانين أمثال عامر الشوملي وأمجد غنام. علماً أنّ الفائزين بجوائز مسابقة «الفنان الشاب» هم جمانة مناع («مدن متخيلة» ـ الجائزة الأولى)، ضرار كلش («صوت مستصخر» ـ الجائزة الثانية)، والجائزة الثالثة راحت مناصفة بين ايناس حلبي (صافي)، وميرنا بامية (لاعبر أرض بياضهم).
الفنان الفلسطيني عامر الشوملي (1981) قدم عمله «البقرة» مستخدماً 58 ألف قطعة خشبية صغيرة (٧٠ × ٨٦ × ١٨٠سنتم). يرتبط العمل بالانتفاضة الأولى ١٩٨٧ حين تم تهريب 14 بقرة من بيت إلى بيت ومن مكان إلى مكان، بعدما قامت قوات الاحتلال آنذاك بمنع الاقتصاد الفلسطيني الذاتي ومن ضمنها تربية الابقار والدواجن. وقد حاول العديد من الناشطين في الانتفاضة الأولى إرساء اقتصاد مستقل عن الاحتلال وتعزيز القرار السياسي، فتحولت البيوت إلى حاضنة لهذه المشاريع منها «بيت ساحور» لانتاج الحليب الفلسطيني بدلاً من «تنوفا» الاسرائيلية. لكن بعد أيام فقط من بدء إنتاج الحليب، اقتحم الجيش الاسرائيلي المزرعة، واعتقل الناشطين آمراً إياهم بإغلاق المزرعة، بحجة أنّ هذه الابقار تشكّل تهديداً «للأمن القومي الاسرائيلي». حينها، قرّر الناشطون رفض أوامر الجيش، وهرّبوا الابقار ليلاً وأخفوها داخل منازلهم وباحاتها الخلفية، وفي مغاور الجبال المحيطة.
‎أما في «مدن متخيلة»، فقد قدّمت جمانة مناع فيديو يعيد بناء حفلة تنكرية أقامها ألفرد روش في بيت فلسطيني في حيفا عام ١٩٣٠. وقد كان الفريد تاجراً ومالكاً للأراضي في يافا اعتاد إقامة حفلة سنوية ابتداءً من ١٩٢٠. يعكس فيديو جمانة روح الحداثة في فلسطين وجانباً آخر من الحياة الخارجة عن الاطار التقليدي والاجتماعي، مقدمةً نموذجاً عن دور فلسطين الحضاري والثقافي المتقدم.
‎من جهته، قدّم أمجد غنام عملاً تركيبياً بعنوان «الزمن الموازي» من ذاكرته في السجون الاسرائيلية حيث أمضى فترة من الزمن، وحاول ربط مشروعه بالأسير وليد نمر المعتقل منذ عام ١٩٨٦، واعتبر أنّ الزمن متحرك من حيث المفهوم لكنه ثابت من حيث المكان، وأنّ المساجين مادة ثابتة تشكل وحدات هذا الزمن. وقد استعمل غنام في المشروع المرايا والزجاج، بانياً مراحل من الزمن عبر صورة الأسير التي تتغيّر مع الوقت لكنّها ثابتة في مكانها. أما ضرار كلش، فيعمل بشكل أساسي في مجال الأداء الحي ويدمج في أعماله النص والصوت والصورة والفيديو والحركة، ويستخدم أنظمة محوسبة مجانية ومفتوحة للاستخدام في مجال معالجة الصوت والصورة. وقد قدم كلش «صوت مستصخر» الذي يقارن ويبحث بين مفهومي الخيال والواقع وبين المادة واللامادة، والحاضر والماضي من خلال الأداء الحيّ والفيديو والصور.