تونس | أدانت «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» إحالة مديرة الشؤون الإدارية والمالية في مؤسسة الإذاعة التونسية على مجلس التأديب، واضعةً ذلك في باب تصفية الحسابات، فيما دخلت سهام بوعزة في إضراب عن الطعام في مكتبها وساندها زملاؤها بوقفة احتجاجية أمام مؤسسة الإذاعة. هذه الأزمة تزامنت مع تصريح أطلقه رئيس الأخبار في مؤسسة التلفزة الوطنية سعيد الخزامي، اتهم فيه إيمان بحرون رئيسة المؤسسة المعينة أخيراً بالتدخّل في الخط التحريري وتوجيهه على خلفية تغطية القناة الأولى لاجتماع شعبي نظّمته حركة «نداء تونس» المنافس القوي لـ«النهضة»، وعدّه عدد كبير من الصحافيين غير محايد وغير مهني.
هذه الأزمة الجديدة يُتوقّع أن تتطور ضمن مسلسل التجاذبات بين الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية والإعلاميين المتهمين بالحنين إلى العهد السابق. بعد محاولات يائسة لتوجيه الإعلام بالطريقة نفسها التي كان يستعملها زين العابدين بن علي، يبدو أنّ حركة «النهضة» قررت خوض معركة الإعلام بطريقة أخرى. ها هي تؤسس شبكة إعلام موازٍ، وأول الغيث مع قناة «الزيتونة» التي يديرها الشاب أسامة بن سالم، نجل وزير التعليم العالي منصف بن سالم، أحد القادة التاريخيين لحركة «النهضة». وقد تبيّن أنّ لطفي زيتون الوزير المستشار السياسي لدى رئيس الحكومة من بين المساهمين فيها وفق سجلها التجاري في بريطانيا. لكنّ هذه القناة التي أثارت جدلاً كبيراً لحظة انطلاق بثها، لم تؤثر في الشارع التونسي ولم تنجح في استقطابه، فكان لا بد من قناة ثانية ذات توجه إخباري. المحطة الجديدة أُطلق عليها اسم «المتوسط»، يتولى رئاسة مجلس إدارتها نور الدين العويديدي أحد القياديين في «النهضة»، ويتولى رئاسة تحريرها صالح عطية الذي غادر «دار الصباح» بعد خلاف مع إدارة المؤسسة اتهم فيه بالولاء لـ«النهضة». وقد دُرِّب ١٢ صحافياً شاباً في مركز «الجزيرة» في الدوحة، وسيكون انطلاق البث يوم ١٧ كانون الأول (ديسمبر) في ذكرى اندلاع الانتفاضة الشعبية.
وفيما تؤكد كلّ المصادر أنّ المحطة هي صوت «النهضة»، كذّب رئيس تحريرها ما يشاع، مضيفاً أنّ مشروع المحطة مهني بحت، وأنّ مجموعة من رجال الأعمال وراء تمويلها ولا علاقة لها بـ«النهضة». ولم تكتف حركة «النهضة» بالإعلام المرئي، بل تنوي إصدار جريدة يومية جديدة لتعزز أسطولها الإعلامي بعد الأسبوعية الناطقة باسمها «الفجر»، والجريدة القريبة منها «الضمير» ووكالة «نبا نيوز»، إلى جانب عشرات الصفحات على الفايسبوك التي جندت لها عدداً كبيراً من شبابها وفق خطة منظمة تهدف إلى خلق إعلام بديل يستهدف الخصوم السياسيين والشبكة التقليدية للإعلام التونسي التي تصنفها «النهضة» شبكةً خاضعة للعلمانيين ومجموعات الضغط المالي التي استفادت من النظام السابق... فهل تنجح «النهضة» في الذكرى الأولى لتسلّمها الحكم في اختراق منظومة الإعلام التونسي المتّهمة بالعداء للحركة؟