الدار البيضاء | «واش فهمتيني ولالا؟» (هل فهمتني أم لا) عبارة أطلقها رئيس الحكومة المغربي عبد الإله بنكيران، وتلقّفها كل من الرابر المغربي توفيق حازب الشهير بـBigg والشيخ سار. الشيخ ليس واحداً من فقهاء القنوات السلفية التي تنتشر من المحيط إلى الخليج. إنما هو شاب من مدينة الرشيدية (شرق المغرب ـــ اسمه الحقيقي إلياس لخريفي) اتخذ شكلاً جديداً في الراب المغربي: «راب حلال» هي خلطته للدفاع عن «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي، الذي يقود التجربة الحكومية الحالية والدعوة إلى بناء مجتمع «محافظ».
لولا صعود نجم الإسلاميين في العالم العربي والمغرب، ما كان ليظهر هذا الشاب، الذي يملك خطاباً مختلفاً. خلطه لـ «النصيحة الدينية» مع نفحة من المحافظة جعل هذا الشاب أحد رموز الموسيقى «الحلال» بين أوساط الإسلاميين، رغم أنه لم يجد أي اعتراف به على الساحة الموسيقية. خلال هذه السنة، لم يتوقف الشيخ عن الإدهاش. في أحد حواراته الصحافية، هبّ لانتقاد الرابر المعتقل معاذ بلغوات، المعروف بـــ «الحاقد»، الذي يلقب بمغنّي «20 فبراير»، الحراك الاحتجاج المغربي المعروف، ووصفه بالـ «باسل» أي (الوقح). قبلها غنى سار في مهرجانات خطابية حضرها الأمين العام لـ «حزب العدالة والتنمية» عبد الإله بنكيران.
الشيخ سار أكّد على قربه من «العدالة والتنمية» بأغنية أصدرها أخيراً يدافع فيها عن حصيلة الحزب الإسلامي، وانتقد أحزاب الائتلاف الحكومي، قبل أن يتهم هذه الأحزاب بأنّها من تعرقل عمل «العدالة والتنمية» وسياساته. وفي الأغنية تلقف عبارة «واش فهمتيني ولالا؟» التي يسخر بها المغاربة من رئيس حكومتهم، لكن الشيخ سار استخدمها ليهاجم منتقدي «العدالة والتنمية» ويدافع بشراسة عن بنكيران.
على رغم غنائه في مهرجانات انتخابية لـ «العدالة والتنمية»، إلا أنّ سار ينفي هذا القرب في تصريحاته. يقول إنّه فنان هاو لا يهمه لا الجمهور العريض، ولا الاتهامات التي قد تلصق به، لكنّه في المقابل لا ينفي أنّ صعود نجمه لم يأت إلا مع «حزب العدالة والتنمية»، ومع فوز هذا الأخير في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
يخلط سار بين وظيفتي المغني والداعية. لهذا، لم يتردد قبل سنة في إطلاق حملة سمّاها «فاعل خير». خرج الشاب إلى شوارع مدينته الصغيرة يوزع منشورات دينية تدعو النساء والشابات إلى ارتداء الحجاب واعتناق العفة. وانتشرت حملته في بعض المدن المغربية الأخرى، كما لا يتردد الشاب في نشر تسجيلات فيديو بعضها أغنيات راب، وبعضها يتحول فيها إلى داعية يوزع المواعظ على الكلّ!
رغبته في أن يكون الداعية الذي يقود المسلمين إلى «الأخلاق» جعلت سار ينتقد بشدة الراب الذي ينزع إلى الشتائم ولغة الشارع. لهذا يقول إنّ توفيق حازب الشهير بـBigg ترك صورة سلبية لدى المجتمع عن موسيقى الراب، بينما يريد هو مصالحة الجمهور، الواسع و«الأسر والعائلات»مع هذا النوع الموسيقي!
بدوره، وبعد الانتقادات التي وجهت إليه بسبب أغنية تنتقد حراك الشارع قبل سنة، أصدر «بيغ» أغنية تحمل عنوان «فهمتيني ولالا؟» خلال الشهر الماضي. هكذا عاد الرابر بعد أغنية «ما بغيتش» التي جلبت عليه الكثير من الانتقادات وألصقت به تهمة التقرّب من السلطة وممالأتها، لكن في «فهمتيني ولالا؟»، يجتر عباراته القديمة التي راكمها في أغنياته كانتقاد بعض مظاهر التسلّط والتخلف في المجتمع. تحوّلت أغنية «فهمتيني ولالا؟» إلى نشرة أخبار تجمع بين فتاوى الشيخ الزمزمي المثيرة للجدل، والأحداث السياسية والرياضية التي شهدتها المملكة خلال السنة الأخيرة. يحاول «بيغ» الظهور في مظهر «المعارض» الشرس للحكومة، لكنّ خطابه الموسيقي يختلف كثيراً عن مواقفه السياسية. المغني الذي كان قبل سنوات في طليعة مغني الراب الشباب، صار في الكثير من المناسبات بوقاً للسلطة يساند مواقفها، لكن على الأقل، ظلّت موسيقاه أكثر احترافية من موسيقى الشيخ سار، وطبعاً أقرب إلى روح الراب!