دمشق | أكثر من شهرين مرّ على الموسم الدرامي الأخير. حتى الآن، لم تنطلق سوى كاميرا المثنى صبح لتصوير مسلسل «ياسمين عتيق» للكاتب رضوان شبلي (الأخبار 1/9/2012)، فيما انطلق أخيراً وسيم السيد إلى كلية الآداب في دمشق لتصوير تجربته التلفزيونية الأولى «روزنامة» للسيناريست الشاب سيف حامد مع ممثلين جدد.
هكذا، يبدو أنّ الدراما السورية تعيش أسوأ حالاتها نتيجة الفراغ الكبير واقتراب بعض صنّاعها من البطالة الحقيقية. لذا، فقد أخذت خلافات بعض العاملين في هذه الصناعة تطفو على السطح بدلاً من انشغال هؤلاء بمسلسلات جديدة. وآخر مسلسل للسجالات الفارغة على خلفية الأحداث السياسية اللاهبة عراك كلامي بين المخرج حاتم علي والإعلامي ياسين عبد اللطيف (عضو منشق عن مكتب الرقابة والتقويم الفكري في التلفزيون السوري). على طريقة تصفية الحسابات الشخصية في لحظة الفوضى المواتية، نذر عبد اللطيف نفسه معارضاً متفرغاً لمهاجمة المثقفين، بدءاً من أدونيس، مروراً بالروائي حيدر حيدر، وصولاً إلى النجم سلوم حداد. وإذا بحاتم علي يصير هدفه الجديد؛ إذ طاوله بهجوم لاذع عبر صفحته الشخصية على فايسبوك، فروى قصة مفادها أنّ مخرج «التغريبة الفلسطينية» توسّط لدى الوزير السوري منصور عزام بعد اندلاع الانتفاضة في درعا ليقابل الرئيس بشار الأسد. وقد نجح بذلك، ليقدم له فروض الولاء والطاعة ويقترح عليه إخراج فيلم عنه. وأضاف ياسين عبد اللطيف: «بعدما هدأ قلب حاتم علي من فرط انفعاله من رؤية حبيبه (...) ثم انبرى الشبيح حاتم افتتاناً ليتبرع بأنْ يخرج فيلماً عن سيده (...) لتبييض صورته في الشرق والغرب. حتى وصل الخبر إلى التلفزيون السوري، فتلقفه المسؤول وبثه في التلفزيون مباشرة تحت عنوان «حاتم علي يُخرج فيلماً عن بشار الأسد موجهاً للغرب». وبعد ساعات، سُحب الخبر وعُوقب المسؤول الذي سرّب أمر اللقاء». وختم عبد اللطيف تعليقه: «أوردُ هذه المعلومة على مسؤوليتي. كنت على رأس عملي آنذاك تمهيداً لفضح كل شبيحة بشار الأسد في الوسط الإعلامي والثقافي».
لم يمض وقت، حتى نشر حاتم علي بياناً ردّ فيه الصاع صاعين، موجهاً سهامه إلى الرقيب المنشق بالقول: «الأخ ياسين عبد اللطيف جاء إلى صفوف المعارضة بعدما خدم أكثر من عشر سنين في «كتيبة الرقابة على الأعمال الفنية» في وزارة الإعلام السورية، وقد مارس مهماته «الثورية» تلك بكل حماسة طوال تلك السنوات، وقد عانى مثقفو ومبدعو سوريا الحقيقيون الكثير من تعنته. فقد كان سيفاً مصلَتاً على رقابنا، وقد كانت لي معه شخصياً أكثر من «معركة» آخرها مسلسل «عمر». كتب «تقريراً» رقابياً ما زلت أحتفظ بنسخة منه يمنع فيه تصوير المسلسل لأسباب كثيرة منها أنّه يهمش شخصية علي بن أبي طالب ويقدمه كتابع لشخصية عمر، غامزاً من أهداف المسلسل «الخبيثة» نظراً إلى أنّ جهة الإنتاج ذات مرجعية ولون معينين، رافضاً تجسيد الشخصيات الرئيسية. وقد كان هذا موقفاً مستغرباً من «كاتب حرّ» يصنف نفسه الآن «معارضاً»، ما اضطرني إلى نقل التصوير إلى المغرب واستكمال العمليات الفنية في فرنسا والأردن. إذ اندلعت أثناءها شرارة درعا التي يدعي الأخ ياسين أنني كنت خلالها في سوريا ويفبرك على أساسها قصته المختلقة». وواصل مخرج «الليل الطويل» هجومه قائلاً: «يبدو أن السيد ياسين قد نسي أنّه بينما كان يعمل رقيباً مسلطاً فوق أعناقنا كنت أنجز «أحلام كبيرة»، «عصي الدمع»، «ملوك الطوائف»، «التغريبة الفلسطينية» وفيلم «الليل الطويل» الممنوع من العرض في سوريا بسبب «تقارير كتيبة الرقابة» التي كان ينتمي إليها السيد اللطيف.
عندما كان هيثم حقي وأسامة محمد ونبيل المالح ونضال حسن ومحمد ملص وعشرات الآخرين من الفنانين السوريين ــ وأنا واحد منهم ــ يصنعون أعمالهم ويجهدون في التعبير عن قضايا الناس، كان ياسين عبد اللطيف يقف في الطرف الآخر عضواً في كتيبة الرقابة التي تحصي علينا أنفاسنا وكلماتنا ولقطاتنا، لكننا استطعنا أن ننجز ما أنجزناه رغماً عن أنف «كتيبة الرقابة» السيئة السمعة». وختم علي تصريحه بدعوة الرقيب المنشق إلى مراجعة معلوماته «فلا يليق به بعد الآن وقد انتقل إلى موقع آخر أن يستخدم أساليب كتيبة الرقابة نفسها وتقاريرها ذات الرائحة الكريهة».
وكما العادة اشتعلت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليق على المعركة الكلامية التي لا تليق بالمستوى الذي حققته الدراما السورية. كذلك فإنّ طرفيها يضربان بمعاناة الشعب السوري عرض الحائط، غير عابئين بالدماء التي تسيل على الأرض. وربما كان يجدر بأصحاب تلك المعارك الافتراضية على كثرتهم تطبيق الحكمة القائلة «إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب».



نجم المسلسلات الدينية

بعدما ابتعد حاتم علي كلياً عن العمل في الدراما السورية ليوزع نشاطه بين هوليوود الشرق ومشاريع بعض المحطات الخليجية الكبرى التي كان آخرها مسلسل «عمر» (أنتجته وعرضته قناة mbc)، تتردد هذه الأيام أخبار شبه مؤكدة عن بدء استعداد المخرج السوري لإنجاز مسلسل تاريخي ديني جديد يروي سيرة الخليفة عمر بن عبد العزيز (خامس الخلفاء الراشدين). علماً بأنه سبق للنجم المصري نور الشريف تجسيد هذه الشخصية في مسلسل كتبه عبد السلام أمين وأخرجه أحمد توفيق في تسعينيات القرن الماضي. وقد تناولت فيه الدراما المصرية آنذاك سيرة الخليفة الأموي الشهير.