بيروت المدينة المنفتحة على العالمين العربي والغربي، هي أيضاً مدينة ترزح تحت النار. رغم هذا المناخ القاتم، لم تشأ السفارة الفرنسية في بيروت إلغاء أو تأجيل «معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت» كما حصل في 2006 و 2007 بُعيد حرب تموز. هذه السنة، تسلّمت السفارة دفة التنظيم بعدما تولّتها طيلة السنوات الخمس الأخيرة «نقابة مستوردي الكتب في لبنان» التي أصبحت اليوم مجرد شريكة في الحدث.
تستعد السفارة للاحتفال بمرور 20 عاماً على هذا الموعد السنوي الذي سيتوّج هذا العام بإطلاق جائزة «خيار الشرق» التي ترعاها أكاديمية «غونكور» العريقة، وسيحضر ستّة من أعضائها إلى بيروت وهم: رئيستها إدموند شارل رو، الطاهر بن جلون، برنار بيفو، بيار أسولين، ديدييه دو كوان، وريجيس دوبريه. الكتب المرشّحة أسهم في اختيارها مئات الطلاب في خمسة بلدان عربية (لبنان، مصر، العراق، سوريا، فلسطين)، علماً بأنّ الاختيار قبل النهائي رسا على 8 كتب، على أن يعلن أعضاء الأكاديمية في 30 تشرين الأول (أكتوبر) اختيار أربعة، من بينها الكتاب الفائز بـ«غونكور» ضمن فعاليات المعرض.
إذاً، اللبنانيون والعرب المهتمون سيكونون على موعد مع هذا الحدث الذي يجمع كتّاباً وشعراء عرباً وأجانب عبر ندوات ومناقشات تمتد عشرة أيام في «بيال»، وآخر إصدارت الدور اللبنانية الفرنكوفونية، إضافة الى ندوات أبرزها مع الكاتب إيف غونزاليس كيخانو (1/11 _ س:5:00) الذي سيتناول دور وسائل الاتصال في الثورات التي يقودها الشباب، أكان في العالم العربي أم أوروبا.
إصرار السفارة الفرنسية على إقامة المعرض، رغم الظروف الأمنية الصعبة التي يشهدها لبنان، ما هو إلا تعبير عن الرغبة في إيجاد مساحة لـ«حوار ثقافي سلمي» و«رسالة انفتاح وصداقة»، وفق ما يقول مدير «المعهد الفرنسي في بيروت» التابع للسفارة أوريليان لوشوفالييه الذي يتحدث بحماسة عن خصوصية لبنان المتنوع وقوة الروابط التي تجمعه بفرنسا، مع تأكيده لرغبتهم في وصول المعرض إلى مختلف الشرائح اللبنانية. في حديثه مع «الأخبار»، ينفي الانطباع السائد أنّ المهرجان ينحصر بشريحة ميسورة ومحددة من القراء، «فالنجاح الجماعي يكون في مشاركة الجميع». يشدّد لوشوفالييه على أهمية إرساء التوازن بين وجهات النظر المختلفة مع تغييب تام للحديث في السياسة، لأنّ الحدث «ثقافي بامتياز ويختار مواضيعه تبعاً للأحداث وللإصدارات السنوية». وإذا كان «الربيع العربي» خيّم على مواضيع الدورة الماضية، فإنّ لوشوفالييه يرى أنّه تمت مقاربة الموضوع أدبياً واجتماعياً وثقافياً، خصوصاً «وضع المرأة ومستقبل العلاقات المختلفة بين دول المتوسط».
المناقشات والندوات والإصدارات في معرض هذا العام تشمل مختلف الأذواق والاختصاصات، وفق ما تقول مسؤولة «مكتب الكتاب والميدياتيك في السفارة الفرنسية»، مارتين جيليه. في حديثها مع «الأخبار»، تقول جيليه إنّ هدف المعرض هو ملامسة مختلف الشرائح اللبنانية المهتمة باللغة الفرنسية. لا تعتبر جيليه المعرض حكراً على اللبنانيين، بل هو طريق لإرساء الفرنكوفونية عبر دعوة جنسيات مختلفة أوروبية وعربية تتكلم الفرنسية، إذ ستمثّل بيروت مركزاً لاستقطاب كل ساحل المتوسط بحكم موقعها الجغرافي والتعددي. مدّ هذه الجسور ليس سهلاً كما تشرح جيليه. لذا خُصِّصت هذا العام ثلاث ندوات عن الترجمة مع إيمان حميدان، ونجوى بركات، وهدى بركات، كجزء أساس من الانفتاح، كاشفة رغبتها في دعوة الكتّاب العرب الذين يتولون الترجمة الى الفرنسية الى هذا الملتقى السنوي. تصف جيليه التعاون بين الجامعات العربية وجائزة «خيار الشرق» بالطريقة السهلة للإفساح في المجال أمام الطلاب للقراءة والتعمق في الأدب المعاصر الذي يضيء على القضايا الراهنة لكسر سطوة العالم الرقمي الذي يهدّد الكتاب الورقي. أيضاً، سيمثّل هذا النشاط «اختباراً لهؤلاء الطلاب من خلال تحليلهم وتعليقهم على مختلف الأعمال الأدبية التي يقرأونها عبر مدوّنة http://lechoixdelorient.blogspot.com، ليصار في النهاية الى نشر أفضل تعليق في إحدى أشهر الصحف الفرنسية.
12 مكتبة و16 دار نشر و27 مؤسسة تربوية وديبلوماسية تواكبها 17 وسيلة إعلامية ستشكل قوام «الصالون» هذا العام، وستطبع كل مكتبة موضوعاً خاصاً يميزها عن زميلاتها. مثلاً، مكتبة «أنطوان» التي رافقت المعرض منذ انطلاقته قبل 20 عاماً اختارت هذه السنة موضوعي التصوير والكتب البوليسية. ترفض مديرة القسم الفرنسي هناك، ملكة شاوي، اعتبار أنّ المكتبة العريقة تحتاج الى الحضور في حدث مماثل كي تكون بارزة، مشددة على أنّها مهتمة بتفعيل الفرنكوفونية في لبنان، ولافتة إلى غياب المنافسة مع المكتبات الأخرى، بل «هناك تعاون بيننا لإنجاح الحدث». من جهته، يكشف مدير مكتبة «البرج» ميشال شويري أنّ المكتبة تعمد دوماً الى إبراز كتّاب ومنشورات غير معروفة بهدف حجز مكان متمايز لها عن باقي المكتبات. نوعية الكتب برأيه أهم من الاهتمام بالشق التجاري البحت. وقد اختارت «البرج» هذا العام الإضاءة على رسوم الأطفال مع دعوة الرسامة ريبيكا أوترمير. كذلك، يرى أنّ سوق الكتاب الفرنكوفوني يشهد تراجعاً بسبب سطوة اللغة الإنكليزية وضيق الأحوال الاقتصادية التي يعانيها اللبنانيون لشراء الكتب الفرنسية التي يأخذ عليها كثيرون ثمنها المرتفع. مع ذلك، يُسجَّل للمعرض خطوته في توسيع بيكاره والانفتاح أكثر على القراء من خلال تنوّع ندواته وإصداراته وضيوفه.

* «معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت»: بدءاً من اليوم حتى 4 ت2 (نوفمبر) ـــ «بيال» (وسط بيروت) ـــ www.salondulivrebeyrouth.org



الكتابة بالجسد


تكتب هيام يارد (1975) بجسدها. تخوض في المسائل الشائكة كمعاناة المرأة في بلد الذكورة المشوّهة. تطغى القوة والعنف على رواياتها التي تقصّها بشعرية نادرة، بدءاً من «خزانة الظلال» و«تحت العريشة» (سابين فسبيزير) وصولاً إلى «اللعنة»، التي صدرت أخيراً عن «ايكواتور» (ندوة حول الرواية 28/10 ــ س:5:00). تترأس الشاعرة والروائية اللبنانية في معرض الكتاب الدورة الأولى من «جائزة خيار الشرق» التي ستطلقها أكاديمية «غونكور».






عبير الشرق


ماتياس إينار (1972) راوٍ مذهل يعطّر رواياته بعبير الشرق. سعيه هو سعي الباحث لأنّه تبحّر في العالمين العربي والإيراني. وبما أنّه ضليع بشؤون العالم العربي، يبتدع بريشته صوراً مرسومة بدقة، حتى إنّ كثيرين حاولوا نسج مقاربات بين رواياته وروايات كتّاب عرب كلاسيكيين أمثال نجيب محفوظ.
المترجم والكاتب الفرنسي ضيف معتاد على معرض الكتاب في بيروت، جاء ليقدّم إلينا عمله الجديد «شارع اللصوص» دائماً عن منشورات «آكت سود».






إيف العربي


ليس اسم الباحث والمستعرب الفرنسي ايف غونزاليس كيخانو (1954) غريباً على الأذن العربية. راوحت مسيرته بين ترجمة الأدب العربي (أعمال لمحمود درويش، حنان الشيخ، صنع الله ابراهيم...) والتعمّق في القضايا العربية، وخصوصاً تأثير الـ «نيو ميديا» في الإعلام. بالنسبة إليه، أدت التقنيات الجديدة دوراً في الانتفاضات العربية، لكنّها غير كافية لتشكيل تحرك حاسم. ستكون هذه المسألة موضوع نقاش (1/11 ــ س:5:00) بحضوره في صالون الكتاب، حيث يقدّم جديده «العروبة الرقمية. ربيع الإنترنت العربي» (آكت سود).






الصحافي الجريء


الان مينارغ (1947) صحافي ذو رأي جريء. اتخذ مواقف صريحة مناهضة لإسرائيل، ودان في «أسرار حرب لبنان» دور الإسرائيليين في مجزرة صبرا وشاتيلا، كما دان الطابع الأوليغارشي للحكومة الاسرائيلية. في «جدار شارون»، يصف بوضوح الكيان العبري بأنّه «دولة عنصرية». منذ 1982، أدى مينارغ، الذي يقيم في الأراضي العربية، دوراً فاعلاً (مراسل «راديو فرانس» منذ 1982 حتى 1995 في بيروت ثم القاهرة) في تغطية الأحداث التي هزت المنطقة، ويحلّ ضيفاً على المعرض من خلال لقاء «الكتابة حول المستجدّات الراهنة» (3/11 ـ س: 7:00).






لبنان الحرب والحنين


رواياتها تعكس صوراً «حائرة» بين جحيم الحرب الأهلية اللبنانية وجمال البلد الأم. ياسمين شعر (1963) كاتبة ومسرحية عاشت في لبنان إلى أن بلغت الـ 25. بعد روايتها «يد الله»، صدرت أخيراً «قصر الأيام الخوالي» (غاليمار) لتكمِّل «يد الله» التي تتطرق إلى سفاح القربى والعنصرية. بينما تجتاح بيروت «قصر الأيام الخوالي» من خلال التوأم فادي وليلى، اللذين يعودان إلى وطنهما بحثاً عن والدتهما. وستقدّم ياسمين لقاءً حول هذا العمل في المعرض (1/11 ــ س: 7:00)






الشاعر الرسّام



آلان تاسو (1962) أستاذ في الشعر وفي تاريخ الفنّ في «جامعة القديس يوسف» في بيروت. يتطرق الشاعر والرسام اللبناني الفرنسي في دواوينه إلى الدنس/ المقدس، والحقيقة/ الخيال، وثنائيات أخرى. بلاغة أعماله التي تمزج بين القصيدة والرسم منحته مكانة بارزة على الساحة الثقافية اللبنانية. في ديوانه Paysages de flot، يدمر آلان تاسو الشكل كما فعل الشاعر مالارميه في «رمية النرد». سيقدّم تاسو في الصالون معرضاً لمخطوطات وتصاميم كتب وغيره.