يدخل برنامج «فضاء أشغال داخلية» سنته الثانية، مواصلاً رهانه على خلق مساحة بديلة في لبنان والمنطقة من خلال دعم الفنانين الشباب وتطوير الفن المعاصر. البرنامج الذي أطلقته السنة الماضية جمعية «أشكال ألوان» في مقرّها في منطقة جسر الواطي، احتضن 12 فناناً شاركوا من لبنان ومصر وفلسطين والكويت والأردن وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة. السنة الأولى كانت تحت إشراف الفنانة الفلسطينية إملي جاسر التي تابعت المشاركين وتطور أعمالهم خلال السنة.
كما دعت فنانين عالميين الى قيادة ورشات عمل مكثفة معهم، وإلقاء المحاضرات، مثل الفنان التشيلي ألفريدو جار، والفيلسوف الإيطالي فرانكو بيراردي، وفنانة الفيديو الألمانية هيتو شتيرل، والفنان المصري حسن خان على سبيل المثال لا الحصر. أما العام الدراسي الثاني الذي انطلق في أيلول (سبتمبر) الماضي، فيشرف عليه الأستاذ المقيم لهذه السنة الألماني ماتياس ليليانتال (1959). لا يعتبر ماتياس نفسه فناناً، بل يميل إلى مهمات المستشار والشريك في مسار العمل، يساعد على تظهير فحواه. يقول «ببساطة، أنا منتج، قبل أي شيء آخر». عمل ماتياس محرّراً درامياً لنصوص مسرحية عدة. وبين أعوام ١٩٩٢ و١٩٩٨، كان مشرفاً على التحرير الدرامي في مسرح «فولكسبوهن» في برلين. ومنذ عام ٢٠٠٣، تولّى منصب المدير في مسرح Hebbel am Ufer المستقل. بموازاة ذلك، وطوال ٢٥ عاماً، أنجز وأنتج العديد من الأعمال الفنية في مسارح وفضاءات عرض مختلفة، كما نظّم العديد من مهرجانات الفنون البصرية.
خلال طرحه العملي لبرنامج «فضاء أشغال داخلية»، ينوي ماتياس العمل مع الفنانين المشاركين هذه السنة على مشروع كان قد أطلقه في برلين، وانتقل به إلى كراكاس وإسطنبول وجوهانسبورغ وساو باولو ووارسو، وسوف يُعرض في نيويورك أيضاً. يقول ماتياس عن مشروعه الذي يحمل عنوان Ex Apartments: «ينطلق مشاهدان فقط في جولة إلى منازل معينة، حيث يريان في كل منزل أداءً تبلغ مدته عشر دقائق. وتكون تجهيزات العرض من أثاث المنزل ووحي سكّانه وأحوالهم الاجتماعية. في هذا المشروع، لا نعرف من يشاهد مَن بالتحديد: أهو صاحب المنزل الذي يرى المشاهدين أم العكس؟ إنها لعبة على التقاليد ولذة التلصّص. طبعاً، تفرض هذه الصيغة وقائع على الفنان كما على المشاهد، حيث «تظهر المواقف غير المتوقعة» على حدّ تعبير ماتياس. أما في بيروت، فسوف يتم تطوير نسخة خاصة من «شقق سابقة» مع المشاركين في البرنامج، على أمل عرضه ضمن فعاليات الدورة السادسة من «أشغال داخلية» في ربيع ٢٠١٣. يتوقف ماتياس عند تطور القالب الفني «المحاضرة _ الأداء» في لبنان الذي عرفناه مع فنانين لبنانيين، أمثال: ربيع مروة، وليد رعد وغيرهما ... وتحوّله إلى صيغة فنية أساسية في مقاربة ذاكرة الحرب الأهلية، ما يدفعه إلى طرح أسئلة عن مصدر هذه الصيغة، ونشأتها، وتطوّرها في لبنان، من دون أن يهمل الدور الذي تلعبه التكنولوجيا اليوم في حياتنا اليومية، وانعكاساتها على الفنون، وخصوصاً الهواتف الذكية المحمولة، والكمبيوترات. هكذا، سيطرح على المشاركين في البرنامج رحلة بحث في مزج الوسائط الفنية، وتطويع التكنولوجيا الحديثة لخلق صيغ جديدة للعرض.
لدعم طرحه الفني المحفز على إنتاج الأعمال، يدعو ماتياس خلال هذه السنة إلى برنامج «فضاء أشغال داخلية» فنانين عالميين للعمل عن كثب مع المشاركين وتقديم محاضرات مفتوحة للجمهور خلال إقامتهم في لبنان. هكذا بدأت السنة مع المهندس المعماري طوني شكر الذي عرّف الفنانين المشاركين على مدينة بيروت، وهندستها، ومشاريعها، وناسها عبر ورشة عمل امتدت أسبوعين، تخللتها جولات في العاصمة وأبحاث ميدانية. أما ضيف البرنامج الثاني لهذه السنة، فكان الفنان فيل كولينز (راجع الكادر).
وستتوالى الأسماء على البرنامج، فيستقبل كل من الفنان الياباني سيمون فوجيوارا وريمني بروتوكول وديرك بايكر ونتاشا صدر هاغيغيان وهارون فاروكي ولينا صانع، بالإضافة إلى ورشة عمل حول التقنيات السمعية البصرية مع بلال هبري ونديم مشلاوي. برنامج حافل ينتظر الفنانين المشاركين خلال العام الثاني من «فضاء أشغال داخلية».
أما الجمهور اللبناني، فسيكون على موعد مع محاضرة مفتوحة يقدّمها كل من الفنانين الضيوف المحاضرين خلال فترة إقامتهم في بيروت. أما في شهر شباط (فبراير)، فسوف يكون اللقاء الأول بين المشاركين الخمسة عشر هذه السنة والجمهور ضمن أولى المحترفات المفتوحة. سنتعرف عن كثب إلى كل من دارين عباس (سوريا) وهشام عوض (لبنان) وأليكس باكزينسكي _ جنكينز (ألمانيا) وليان الغصين (الكويت) ورومان هامار (فرنسا) ومروان حمدان (لبنان) وسارة حمدي (مصر) ومكسيم الحوراني (لبنان) وجيسيكا خازريك (لبنان) ومنيرة القديري (الكويت) ومونيكا ريستريبو (كولومبيا) وأوروك شرهان (العراق/ هولندا) وإسطفان تارنوفسكي (لبنان) ورائد مطر (العراق).

لقاء مع سيمون فوجيوارا: 8:00 مساء 30 ت1 (أكتوبر) ـــ جمعية «أشكال ألوان»، جسر الواطي (بيروت) ــ للاستعلام: 01/423879 ــ www.ashkalalwan.org



لعبة التناقضات

يعمل الفنان البريطاني فيل كولينز (1970) بالفيديو والصور الفوتوغرافية، والتجهيزات الفنية، والأحداث الفنية الحية. شاهدنا له منذ فترة فيديو بعنوان «الماركسية اليوم» ضمن معرض «ثورة ضد ثورة» في «مركز بيروت للفن». يهتم في أعماله بالعلاقات الاجتماعية، ويلجأ غالباً إلى قلب نظم التصوير الفوتوغرافي الصحافي بهدف التركيز على التناقضات الكامنة في النظم الفردية والجماعية للتمثيل.